عام الانتخابات والضرورات الوطنية

دخلنا بالفعل في عام الانتخابات، وانتهت كل احتمالات السيناريوهات الخاصة بالانتخابات، ووصلت الرسالة بوضوح إلى كل الاردنيين، المتحمسين للانتخابات والمقاطعين لها، إن القرار حسم، و(هذا الميدان يا حميدان).
اكتملت الحلقات المؤدية إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بعد إغلاق فترة التسجيل، على مليونين وربع المليون ناخب، وتشكيل المحكمة الدستورية، وحكومة جديدة مهمتها إدارة شؤون البلاد في فترة التحضير لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة للمجلس السابع عشر، في الثالث والعشرين من كانون الثاني 2013 حسب ما أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب.
لا حاجة للتذكير بطبيعة الأوضاع العامة في البلاد، ودقتها وحساسيتها مع استمرار العديد من القضايا الوطنية المعلقة من دون حلّ يأخذ بالاعتبار حاجة الوطن والشعب للاصلاح الوطني والديمقراطي الشامل.
فالاستعصاءات في الأوضاع المعيشية لا تزال تتفاقم، والجميع يتحسّب ويحذّر من مغبّة رفع الدعم عن المواد الأساسية وارتفاع الأسعار في هذه الفترة السياسية بالغة الحساسية في البلاد.
والاستعصاء السياسي القائم بسبب رفض قانون الانتخابات النيابية من قبل عدد من القوى السياسية ، وما أثاره ذلك من تداعيات أدّت الى حدوث انقسام سياسي واسع، وستؤدي الى مزيد من تأزيم الحياة السياسية في البلاد خصوصا وأن البرلمان القادم والحالة هذه لن يضمّ عددا من القوى السياسية التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات.
الفرصة التي يمكن أن تستثمرها المؤسسات التنفيذية جميعها وتلك المعنية بإجراء الانتخابات (الهيئة المستقلة والحكومة) لم تفت بعد، وعليها أن لا تفوّتها، من أجل وحدة وسلامة الوطن والشعب بمكوناته السياسية والاجتماعية وتلاوينه واختلافاته وتعدّده.
الفرصة لا تزال سانحة، من أجل اختراق الجدار الفاصل وإعادة الصلة بين القوى المعارضة والمقاطعة للانتخابات، و الجهات الرسمية، والوصول إلى نقطة تلاقي ومحطة سياسية تقع في باب الضرورات الوطنية، حيث المستفيد الأكبر هو الوطن والشعب ومسارات العملية الديمقراطية نفسها.
لا نريد احتقانات سياسية وشعبية، ولسنا بحاجة إلى إقصاء أيّ من القوى السياسية، حتى لو ارتكبت أخطاء تكتيكية، نتيجة تقديرات وقراءات خطأ لموازين القوى المحلية والعربية.
إن نجاح الهيئة المستقلة للانتخاب في تأدية وظيفتها المنصوص عليها، وغير المنصوص عليها، يستدعي إقناع صاحب القرار بضرورة توفير الأجواء والمناخات السلمية والمريحة للانتخابات النيابية المقبلة بأقل قدر ممكن من العثرات وأكبر قدر ممكن من التفاعل الايجابي مع مسيرة التحوّل نحو الديمقراطية.
لا شيء والحالة هذه يمكن أن يضاهي حكمة المثول أمام مصالح الشعب والوطن، وتعبيد الطريق الديمقراطي أمام الأجيال القادمة.
لا ينتقص من المقاطعين للانتخابات النيابية، أن يعيدوا حساباتهم في قرار الانتخابات، لأن الأوطان ومصالحها هي التي تشترط على كل القوى الحية أن تصدع للمصلحة الوطنية العليا، وليس العكس.
سوف يجد قادة الاحزاب المقاطعة مئات المبررات أمام قواعدهم للمشاركة في الانتخابات، لكنهم لن يجدوا مبررا واحدا، اذا كانوا سببا في خراب الاوضاع العامة في البلاد (لا سمح الله).
( العرب اليوم )