المناضل النووي

يبدي الدكتور خالد طوقان رئيس هيئة الطاقة الذرية مثابرة عالية في إصراره على مشروع المفاعل النووي، ولا يبدو أنه متأثر بالحملات الشعبية المناوئة. هو لم يعد مرحباً بالنقاش مع الأوساط الشعبية ويطلب مناقشين من المختصين، ولكنه أيضاً لا يستجيب للنقاش مع مختصين "عاديين"، يتعين توفير مختصين أكثر اختصاصاً.
حسناً، من حقه أن يستمتع بلقب "العالم الجليل" وهو اللقب الذي يفضله أنصاره، إنه بكل تأكيد، لقباً يستدعي مستوى من النقاش بلغة لا يقدر عليها العوام، غير أن التسجيل الصوتي الشهير للدكتور طوقان الذي انتشر قبل مدة، والذي هاجم فيه خصوم النووي، يظهر أنه ضليع في النقاش الشعبي، لقد خرجت الكلمات متقنة للغاية.
صحيح أن الدكتور أوضح لنا أن التسجيل أخرج من سياقه وقُدّم بشكل مجتزأ، لكن ما يهمنا هنا هو صورته المجتزأة تلك بالذات، أي الطريقة التي لُفظَت فيها الكلمات، فقد جاءت عالية الجودة من ناحية مخارج الحروف ومرونة النبرة، إن عبارة "حمار ابن حمار" التي وردت في التسجيل كانت مذهلة في اتقانها (أرجوكم، أعيدوا الاستماع للتسجيل وانتبهوا الى تسكين حرفي الحاء والراء في كلمة حمار، وإلى التفخيم في لفظهما، وهي أمور لا يستطيع فعلها سوى المحترفين).
كمتابع أنثروبولوجي للثقافة الشعبية، وللشتائم كمكون من مكوناتها، أستطيع أن اقدم شهادتي على إجادة الدكتور طوقان. لقد أجاد كعالم جليل في طريقة وصف خصومه. إن هذا يدفعنا للإقرار والاعتراف بأن رفض الدكتور طوقان للنقاش الشعبي هو رفض من موقع الاقتدار على هذا النقاش، وليس بسبب ضعف حجة أو انتماء إلى ثقافة نخبوية كما يدعي خصومه.
( العرب اليوم )