دعم المحروقات أم حماية الدينار

عندما توشك الحكومات على اتخاذ قرارات صعبة ، تجد نفسها أمام خيارين ، فالحكومة الدكتاتورية تعلن القرار بشكل مفاجئ وتقول لمن لا يعجبه القرار تستطيع أن تبلـط البحر ، وإما الحكومة الديمقراطية فتوضح وتفسر القرار لإقناع الجمهور فيقبله بطيب خاطر عن قناعة كأمر لا بد منه.
كديمقراطي ، اختار الدكتور عبد الله النسور الطريق الثاني ، معتمداً على مواهبه في الخطابة والتفسير وقوة الحجة ، كما بدا في برنامج ستون دقيقة وهو يفسر أهمية إصلاح نظام الدعم والمحروقات والكهرباء لأن البديل أسوأ بكثير.
استمرار الوضع الراهن يؤدي
إلى نضوب العملة الأجنبية من البنك المركزي فيعجز عن حماية سعر صرف الدينار. وإذا انخفض الدينار- لا سمح الله- فإن أسعار كل شيء سوف ترتفع ، فهل يفضل المواطن محدود الدخل ، أن ترتفع أسعار البنزين والكهرباء وغاز الطبخ أم أن ترتفع أسعار كل شيء وتختفي المواد من الأسواق.
الخدمة التي ترغب الحكومة في تقديمها للمواطن محدود الدخل هي تثبيت القوة الشرائية للدينار للحفاظ على مستوى معيشته ، ولكن الثمن المطلوب هو تخفيض دعم المحروقات والكهرباء الذي يكلف مليارين من الدنانير سنوياً ، أي نصف كلفة هذه المواد.
يقول الرئيس أن الحكومة تدفع من جيبها مليارين من الدنانير تعادل نصف كلفة ما تشتريه من الطاقة ومشتقاتها. والواقع أن الحكومة لا تدفع هذين المليارين من جيبها الخاص ، فجيبها فارغ ، بل تدفع المبلغ من جيوب المانحين والدائنين.
أما المانحون – عرباً وأجانب – فقد أعربوا عن رفضهم الصريح تقديم منح للأردن إذا كان الهدف دعم الاستهلاك وترفيه المستهلكين. وأما الدائنون فقد وصلت ديونهم إلى السقف ، واصبحوا يرفعون أسعار الفائدة بشكل متسارع.
ليس أمام الحكومة مساحة زمنية واسعة للمناورة ، فهي على وشك إعداد وتقديم موازنة عام 2013 ، فهل ستبنيها على أساس اقتراض ثلاثة مليارات من الدناينر لتمويل الدعم الشامل ، خاصة وأن المديونية تجاوزت الخط الأحمر وأخذت تهدد استقرار البلد وأمنه.
الحكومة أمام أمرين أحلاهما مر ، ولكن أحدهما وهو التأجيل قد يكون أقل مرارة ولكنه أكثر خطراً ، فهل تتصرف على ضوء مصلحة الوطن ، أم تترك الحبل على الغارب لتقع الكارثة في عهد الحكومة القادمة.
( الرأي )