نتنياهو والضفة الغربية

تم نشره الثلاثاء 23rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 12:30 صباحاً
نتنياهو والضفة الغربية
د. رحيّل غرايبة

أعلن رئيس حكومة الاحتلال مرسوماً يقضي باعتبار الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة، في تطوّر جديد للاستراتيجية الصهيونية الموضوعة سلفاً بالاستيلاء على كامل فلسطين، لتصبح أرضاً مستباحة للاستيلاء والاستيطان، وطرد أهلها الشرعيين وتشريدهم، والاستمرار باستقدام يهود العالم لملء أرض فلسطين بالمستوطنين الذين يمثلون خزاناً بشرياً للمحاربين الجدد من أجل استكمال بناء الجيش القوي الذي يتفوق على الجيوش العربية مجتمعة قوة وتنظيماً وتسليحاً حديثاً، بفضل الدعم الأمريكي، والتواطؤ الدولي، وضعف المحيط العربي.


 لقد احتلّ الكيان الصهيوني الضفة الغربية منذ (45) عاماً، أي ما يقارب نصف قرن من الزمان، أمام بصر العالم وسمعه، وصدرت عدة قرارات دولية تدين الاحتلال وتأمر بالانسحاب، ولكن قوات الاحتلال تمارس مزيداً من الاستيلاء على الأرض، ومزيداً من بناء المستوطنات في كلّ عام من دون أن يرمش لها جفن حياءً من الشرعية الدولية، ومن دون شعور بأيّة ذرة قلق أو خوف من اثنتين وعشرين دولة عربية تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم.


 خطوة "نتنياهو" الأخيرة لم تكشف عن شيء جديد حول طبيعة المخططات الصهيونية وحقيقة نواياها العدوانية، ولكنّها تكشف هزال العرب، وفشل النظام العربي خلال مسيرته الطويلة وعجزه عن بناء القوة العربية القادرة على حفظ ماء وجه العرب، كما كشفت الخطوة عن كذب أدعياء النضال والممانعة، الذين سلخوا (45) عاماً من عمر الأمّة وهم يحاولون خداع الشعوب وتضليل الجماهير بأنّهم يستجمعون القوة ويعدون العدة لإعادة بناء التوازن الاستراتيجي مع العدوّ، وإذ بهم يعدّون العدة وينفقون الأموال لإنتاج أجهزة القمع التي تديم بقاءهم في السلطة، وتكبت أنفاس الناس، وتصادر حرياتهم، واكتشفنا مؤخراً أنّ هذه الانظمة تعمل على تدمير الإنسان العربي وتعمل على ترسيخ الفقر والضعف والفرقة والتفكك الاجتماعي، والتخلف العلمي، وتعطيل أدوات الإنتاج وتبديد الموارد، وتقديم أكبر خدمة تضمن تفوق العدوّ وبقاءه، وإحكام سيطرته.


 ينبغي أن نقف على مجموعة من الحقائق التي لا يمكن تجاهلها في تعاملنا مع العدوّ الاستيطاني الذي يعدّ الخطر الأهم والأكبر الذي يهدد مستقبل العرب، ومن أهمّها:


 -الشعوب المقهورة الخاضعة لتحالف الفساد والاستبداد لا يمكن أن تكون قادرة على بناء النهضة وغير قادرة على مواجهة العدوّ، مهما كثر عددها، حتى تعيد تحرير نفسها من ربقة الاستعباد الداخلي، وتتغلب على الطغيان وتتخلص من نخب الفساد.


 -المجتمعات المفككة التي تسودها النزاعات الداخلية، والعصبيات الجاهلية والانتماءات الجهوية الضيقة سوف تبقى ضعيفة وفاشلة وعرضة لسطوة العدوّ المنظم القوي حتى لو كان قليل العدد.
 -القوة تنبع من الذات المستقلة عن أيّ ارتهان للخارج أو تبعية للأجنبي، ولذلك لا مناص للأمّة من أن تعيد بناء ذاتها بنفسها، وتحسن إدارة مواردها، واستغلال طاقاتها، ولا تنتظر الخلاص من أيّة قوة شرقية أو غربية.


 -الأمّة المهزومة من داخلها، والمجردة من هويتها وثقافتها، والمبتورة عن تاريخها وحضارتها، لا تملك مقومات النهوض والاستقلال؛ ولذلك لا بد من إعادة الثقة بالنفس لدى الأجيال، وأن تشعر بالفخر لامتلاكها مشروعاً حضاريّاً فكريّاً راقياً، ومنظومة قيم نبيلة، ولديها مقومات النهوض والوحدة والتقدم والقوة الشاملة بكل معانيها.


 وبناءً على هذه الحقائق ينبغي على الشعوب أن تتحرر من القهر وتتغلب على حالة العجز والتخلف وتطارد الظلم والفساد، وتتخلص من تركة الارتهان والتبعية، وترسي معالم الثقة بالنفس المفعمة بالايمان، وتعيد بناء ذاتها، وتوحد أجزاءها، وتحمل مشروعها ورسالتها وتقاوم الاختراقات الفكرية والمشروعات التبعية، والاستلاب الثقافي؛ من أجل مواجهة المعتدي واستعادة الأرض المحتلة، وتطهير المقدسات.إنّها طريق طويلٌ وشاق، ولكن ليس هناك طريقٌ غيرها.
 
( العرب اليوم )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات