عن «الأنبار 2» والخلايا «النائمة» و«الراجلة»

تم نشره الثلاثاء 23rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 12:32 صباحاً
عن «الأنبار 2» والخلايا «النائمة» و«الراجلة»
عريب الرنتاوي

كنا نخشى أن تنتهي الأزمة السورية إلى تحويل سوريا برمتها إلى “أنبار ثانية” بالنسبة للأردن...الأزمة لم تنته، بل ولا تقترب من خواتيمها بعد، لكن “سوريا” الأزمة والجغرافيا والقوى المنخرطة في الصراع، تحولت الآن إلى “أنبار ثانية”، أكثر اتساعاً وأشد خطورة.

بين “الأنبارين” ثمة فوارق جوهرية...أبعدتنا الصحراء والفيافي عن الأولى لمسافة ألف كيلومتر، كثافتنا السكانية لم تكن موزعة على حواف الطرق المؤدية إليها...أما الثانية، فلا يفصلها عن عاصمتنا سوى 90 كيلومتراً فقط، وعن ثاني مدننا سوى 15 كليومتراً فقط، وعن ثالث مدننا، مسافة ستين كيلومتراًُ فقط، وعن مدننا الأخرى “مرمى حجر” أو “مقرط عصا”، والكثافة السكانية الأردنية ( ثلاثة أرباع السكان) تقطن في هذا الشريط الضيق.

لم نكن نضرب بالرمل ونحن نتحدث عن “تداعيات الأزمة السورية وانعكاساتها” على أمننا الوطني...لم نكن نبالغ ونحن نعرض محاذير ومصادر قلق وتحسب الأردن، رسمياًَ وشعبياً من تفاقم “الحلول العسكرية والأمنية” للأزمة السورية، وموجبات انفصالنا أو على الأقل “تمايزنا” عن محور قطر السعودية تركيا...بيد أنه لم يخطر ببالنا أن تداهمنا هذه التحديات بالجملة، وأن تدهمنا على هذا النحو السريع كذلك.

لم نأخذ يوماً كتب الطمأنينة والاطمئنان التي ما انفكت بعض قوى المعارضة السورية تبعث بها..كنا نراقب ونتتبع “صحوة القاعدة والسلفية الجهادية” ونخشى منها على مستقبل سوريا وحراكها وتطلعات أهلها للحرية والكرامة والوحدة والديمقراطية والعيش الكريم...كنا نراقب ونتحسب لساعة “إتمام المهمة” والشروع في استقبال “العائدين من سوريا”...كنا نخشى هذه الصحوة لأننا دفعنا ثمناً باهظاً لصحوة مماثلة في العراق، قبل أقل من عشر سنوات، هل تذكرون الفنادق الثلاثة.

دائماً كان يُقال لنا، أنتم تبالغون، وأحياناً كنا نُتهم بـ”إعادة تسويق خطاب النظام الأسدي”...كنا نحذر المحور الداعم للمعارضات المسلحة: كفى عبثاً وتسليحاً واستعجالاً للتدخل والحسم العسكريين...كنا نشدد على الطابع السلمي الحضاري للثورة السورية ومطالبها الأولى...وكنا في كل هذا وذاك وتلك، لا ننطلق فقط، من الحرص والغيرة على سوريا وطناً وشعباً وكياناً، بل ومن عميق المصالح الوطنية العليا للأردن، وطناً وشعباً وكياناً كذلك، ولكن ما العمل مع أصحاب “الرؤوس الحامية” التي تُحجم عن إعمال لغة العقل وتؤثر عليها خطاب الغرائز والشعارات.

أمس وقبله، كانا يومين مشهودين للأجهزة الأمنية الأردنية، حين نجحت في تفكيك خلية إرهابية كان يمكن لها أن تزرع الموت والخراب والدمار في ديارنا، لولا لطف الله تعالى ويقظة رجال الأمن والمخابرات...واليوم، يستشهد العريف محمد عبد الله علي المناصير العبادي، ويصاب رفاقٌ له، وهم يتصدون لمجموعتين من “العائدين من سوريا”، وأحسب أن ما حصل خلال الساعات الماضية، ليس سوى أول غيث مع ينتظرنا.

أكتب هذه السطور من بيروت، التي سأغادرها اليوم عائداً إلى عمان، ولا أعرف حتى اللحظة، ما إذا كنت سأتمكن من الوصول إلى المطار أم لا، فالعنف المذهبي وتداعيات الأزمة السورية، تعصف بهذه البلد الشقيق، وتكاد تأتي على سلمه الأهلي والأخضر واليابس فيه.

وقبل يومين، كان في ضيافتنا، وفد تركي رفيع، ضم نواباً ممثلين لحزبي السلطة (العدالة والتنمية) والمعارضة (الشعب الجمهوري)، ولقد استمعنا منهم لشروحات ضافية حول تداعيات الأزمة السورية على بلادهم، بعد أن باتت حدثاً داخلياً، ولم تعد تنتمي إلى “عالم السياسة الخارجية”، وبعد أن تحولت إلى أول وأهم وأخطر اختبار، لكل منظومة القيم والمبادئ لحزب العدالة والتنمية، و”المُقرر الرئيس” للمستقبل السياسي لهذا الحزب وزعامته.

أما نحن في الأردن، وبوجود كل هذه الروابط من الجغرافيا حتى الديموغرافيا...بوجود 200 ألف نازح...بوجود كل هذه الخلايا النائمة و”الراجلة” للجماعات العنفية، أحسب أننا لسنا في وضع مريح، أحسب أن أسوأ كوابيس سوريا وجوارها، بدأ يتجسد على الأرض.

حمى الله سوريا والسوريين...حمى الله الأردن والأردنيين

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات