«حق العودة» .. أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!

تم نشره الثلاثاء 06 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:04 صباحاً
«حق العودة» .. أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!
عريب الرنتاوي

صعّدت حماس، خصوصاً “فرعها الغزّي” من ردة فعلها على تصريحات الرئيس محمود عباس للتلفزيون الإسرائيلي، وأحسب أنها وجدت في هذه التصريحات، غير الموفقة في زمانها ومكانها، ضالتها للخروج من “وضعية الدفاع” التي وجدت نفسها فيها إلى “وضعية الهجوم”...فالتصريحات المذكورة على ما فيها من تنازلات وصفت بـ”النادرة” والرمزية” و”المجانية”، لم تكن بحال من الأحوال من النوع الذي يأخذ حماس على حين غرة، فقد سبقتها تصريحات ومواقف مماثلة، لم تحل دون تحقيق تقدم على مسار المصالحة، لولا عرقلة ربع الساعة الأخير.

منذ تعطيلها عمل “اللجنة المركزية للانتخابات” في قطاع غزة، وحماس في وضعية دفاعية وتبريرية، لاسيما بعد أن خرجت خلافاتها إلى العلن، وظهر أن “فريقاً” منها متمركز في غزة، نجح في شق عصا الطاعة على المكتب السياسي للحركة ورئيسه خالد مشعل واتفاق الدوحة الذي مهره بتوقيعه، ومن قبل اتفاق القاهرة وجولاتها الحوارية الإيجابية.

ثم دخلنا بعد ذلك في تجليات “الحلف القطري الحمساوي” والذي بلغ ذروته في زيارة حمّالة بالأسئلة والتساؤلات، قام بها أمير قطر لقطاع غزة، أثارت من المخاوف على الوضع الداخلي ومصائر الانقسام وعلى الحل النهائي للقضية بعناوينه وخيارات الرئيسة، أكثر مما أثار “بعدها الإنساني” من الارتياح في أوساط الشعب الفلسطيني ومؤيديه.

وبين هذه وتلك، كانت وعود حماس لأهل القطاع بـ”نصر من الله وفتح قريب” بعد وصول الدكتور محمد مرسي إلى سدة الحكم في مصر، تتبخر الواحد تلو الآخر...إذ بدل رفع الحصار المضروب على القطاع، جرى هدم الكثير من الأنفاق، وبدل التدخل المصري للوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، انتقل الوسيط المصري من انحياز للسلطة زمن مبارك إلى انحياز لحماس زمن مرسي، وعادت قطر للعب في “الوقت المصري الضائع”...وبدل تعهدات بدعم “المقاومة” في غزة، رأينا الرسالة الحارة إلى “العظيم شمعون بيريز”...وبدل الغاء أوسلو ومفاعيله، رأينا استمساكاً بكامب ديفيد ومفاعيلها...وبدل وقف إجراءات التطبيع مع إسرائيل، رأينا السفير المصري يسبق نظيره الأردني إلى السفارة في تل أبيب.

في هذه الظروف، هبطت تصريحات الرئيس عباس على حماس، كهدية من السماء، حملها “بابا نويل”، قبل موعد هبوطه على الأرض بأسابيع عدة من موسم الأعياد، فكان ما كان ردة فعل حادة، لا يُراد لها أن تهدأ، قبل أن تُتم وظيفتها في “تسوية الحساب” مع السلطة وفتح والمنظمة والرئاسة، ولا أحسب أن “الغيرة” على “حق العودة” وحدها، هي التي حركت آلة حماس الإعلامية للعمل بأقصى طاقتها على النحو الذي شهدنا، وغالباً من قطاع غزة.

السلطة، وربما لأول مرة منذ سنوات، لم يجتاحها طوفان القلق من “ردة فعل” حماس...و مرد اطمئنان السلطة إنما يعود لسببين اثنين: الأول، معرفتها بدوافع “الانفعال الحمساوي”، وثقتها بأنها لن تزيد عن مجرد كونه “زوبعة في فنجان”...والثاني، أن لدى السلطة من المعلومات، ما يؤكد أن ثمة قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة، ينخرط فيها ممثلون عن حماس وقطر والإسرائيليين والمصريين والأمريكيين (وغيرهم)، تستطلع بصورة غير رسمية، المخارج (وليس التسويات للقضية الفلسطينية)، تقوم على استبعاد الحل النهائي التوافقي، والتعامل مع “حلول واقعية” تقوم على الحل الانتقالي بعيد المدى والهدنة المفتوحة والدولة ذات الحدود المؤقتة...الأمر الذي دفع ببعض الناطقين باسم السلطة للرد “بعين قوية” على حملات حماس.

والحقيقة أن غالبية الشعب الفلسطيني التي استقبلت تصريحات الرئيس وردود أفعال حماس، بكثيرٍ من الفتور وعدم الاكتراث، إنما فعلت ذلك من موقع “اليأس” من استمرار حالة الانقسام والتراشق، وانحسار الثقة بطرفي الانقسام الفلسطيني والإحساس العميق، بأن هذه المبارزة لن تكبح الاستيطان ولن توقف العدوان، وأن ما يجري من عروض مجانية للتنازل عن بعض الحقوق، أو دفاع استعراضي (لفظي) عنها، لن يقدم ولن يؤخر.

وثمة بعد ثالث لردة فعل حماس، يشغل اهتمام المراقبين لتطورات الوضع داخل حماس والقطاع على حدٍ سواء، ويتجلى في القلق من أن يكون “التصعيد الفائض عن المألوف” في ردات فعل الجناح “الغزّي” للحركة، إنما يخفي رغبة حقيقية في إدامة الاستئثار بالقطاع والابتعاد بـ”كيانه الخاص” عن الوطن الفلسطيني، وهو أمر بدأ يثير الحساب والتحسب في السنة الأخيرة، وتحديداً بعد انتعاش هذه الآمال لدى فريق من حماس جراء فوز إخوان مصر برئاستها، وبعد انطلاق موسم الحجيج “السنّي” إلى قطاع غزة، الذي يسعى في تكريس خروج حماس من المحور الذي طالما أسمته هي وأخواتها: “محور المقاومة والممانعة”...فهل ثمة من ذريعة أفضل من هذه تصريحات عباس للنطق بالعبارة الأشهر في القاموس الفلسطيني: ألم نقل لكم؟

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات