عرض السفير الإيراني .. ملاحظات على الهامش

تم نشره الإثنين 26 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:22 صباحاً
عرض السفير الإيراني .. ملاحظات على الهامش
حسين الرواشدة

 

بعد ان هدأ الجدل نسبيا حول العرض الايراني الذي قدمه السفير الإيراني بعمان، استأذن القارىء الكريم في تحرير بعض الملاحظات على هامش الموضوع.

الملاحظة الاولى: هذه ليست المرة الاولى التي نسمع فيها كلاما من الجانب الايراني السياسي والديني حول الرغبة الايرانية في “تطبيع” العلاقات مع الاردن، واذا كان بمقدوري ان اقدم “شهادة” في هذا السياق فقد سمعت شخصيا من مسؤولين ومرجعيات ايرانية معتبرة “اشادات” بالاردن وبالهاشميين الذي ينتسبون الى آل البيت، واذا كان موقف “السياسيين” هناك يمكن فهمه او التحفظ عليه او اختباره على ميزان المصالح والحسابات السياسية فان موقف اغلبية المرجعيات الدينية ينمّ عن اعتبارات دينية واخلاقية مجردة –كما اعتقد- من الهوى السياسي.

الملاحظة الثانية: اذا كانت العلاقات الاردنية الايرانية قد شهدت نوعا من “الدفء” بعد القطيعة التي تزامنت مع الحرب الايرانية العراقية، فان حالة “البرود” النسبي طبعت هذه العلاقات ونتذكر هنا –بأن- مبادرة الحوارات بين المذاهب الاسلامية التي انطلقت من قصر “الهاشمية” واستمرت لنحو 10 سنوات ساهمت في فتح قنوات الارسال والاستقبال بين الطرفين، لكن سرعان ما اكتشفنا بان خياراتنا قد تغيرت تبعا لحالة الاستقطاب التي شهدتها المنطقة بعد غزو العراق بعد حرب لبنان، ولاحقا بعد الثورة السورية.

الملاحظة الثالثة: كانت عقدة العلاقات العربية الايرانية فيما مضى هي “تصدير الثورة” اما الآن فقد سقطت هذه الفكرة تماما، واصبحت طهران من تخشى من “تصدير الثورات العربية اليها” وبالتالي فان الهواجس التي تثار حول “تمدد التشيع” تبدو غير واقعية، لا لان ايران محصنة من التفكير بذلك وانما لان مسألة التبشير بالمذهب وسط بلد كالاردن تبدو غير منطقية خاصة اذا تذكرنا بان الفاطميين الشيعة الذين حكموا مصر عشرات السنوات لم يفلحوا في “تشييع” مصري واحد.

الملاحظة الرابعة: سياسيا، يبدو من المنطقي تماما ان نسأل بعد التحولات التي جرت في منطقتنا عن اهمية “تنويع” خياراتنا، واذا كانت طهران لا تشكل طرفا نتبادل معه “العداء” فان من المستهجن ان نتجادل حول العلاقات معها، وهل نتحاور معها او لا، خاصة ان العلاقات الدولية اليوم “تتكيف” مع المصالح المشتركة ولا تخضع لحسابات الحب والكراهية، ومن المفارقات –هنا- ان عرض السفير الايراني هو الذي فتح هذا “الملف” فيما كان الاولى ان نتوجه بالنقاش الى القضية الاساسية وهي “جدوى اقامة العلاقات” لا مسألة النفط فقط.

الملاحظة الخامسة: ان سؤال ماذا نريد من طهران؟ وماذا تريد طهران من الاردن؟ يبدو سطحيا، ان لم نقل ساذجا، فالدول في العادة ترتب خياراتها السياسية على قاعدة “المصالح المشتركة” ولا يوجد اي خيار سياسي بلا ثمن، او ان ثمة من يدفع “لوجه الله” هذه بدهيات سياسية يفترض ان نتجاوزها في الجدل، وبدل ان نستعجل في الردود والدفوع والتأويلات، كان الاجدر ان نتوجه الى طاولة “الحوار” وان نضع ملفاتنا عليها لنعرف هذا الثمن المطلوب، ونختبر الموقف الايراني ونضعه بالتالي في ميزان “المنافع” المشتركة.. وحتى لو كان مرفوضا من حيث المبدأ فقد كان من الاجدى ان نوظفه كورقة سياسية في اطار “تنويع الخيارات”.

الملاحظة السادسة: اذا كان “رفض” العرض الايراني من بعض الاطراف قد جاء من منطلق “الاعتزاز بالروح الوطنية” التي ترفض الرضوخ لشروط الاخر ونفضل “الاعتماد على الذات” ونحرص على سلامة البلد من التدخل الخارجي والعبث بوحدة النسيج الديني، فهذا الرفض يستحق الاحتفاء فعلا لكنه بحاجة الى “تعميم” لكي يشمل الجميع لا ايران وحدها.

اخيرا، اعتقد ان تسرعنا في الجدل حول الموضوع واشهار الاحكام حوله، واننا فعلنا ما فعله الصياد حين قسّم “الذبيحة” قبل ان يصطادها، وكان الاجدى ان نختبر “عرض” السفير ثم نرد عليه بردود مقنعة للجميع.

يبقى ملاحظة على الهامش وهي ان النظر الى العلاقات مع ايران من بوابة “سوريا” رفضا او قبولا، ينمّ عن موقف سياسي مجروح، فمن حق ايران وغيرها ان تقرر مواقفها وسياساتها تبعا لمصالحها، ومن حقنا ايضا ان نفعل ذلك، صحيح ان “الثمن” السياسي هنا يخضع لحسابات يمكن التفاهم عليها لكن الصحيح ايضا هو ان بناء خياراتنا يجب ان يتم على اساس “تقدير” مصالحنا اولا، وبما يضمن عدم تدخل الاخرين في شؤوننا.. وبالتالي فان الذين سارعوا الى اصدار “الفتاوى” بحرمة “المقايضة” بين النفط والزيارة.. او الاخرين الذين دفعوا نحو قبول العرض بنية الدفاع عن النظام السوري اخطؤوا معا؛ لأن ميزان القبول والرفض المعتبر هنا هو “مصلحة الاردن” قبل كل شيء.

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات