سيرلانكا تطلق قمراً صناعياً
.jpg)
من الأمور التي تستدعي انتباه المراقبين على المستوى العالمي، ذلك التقدم الملحوظ والمتنامي لبعض الدول الآسيوية، التي تؤشر على تعاظم دور آسيا العالمي على الصعيد العلمي والتكنولوجي وعلى الصعيد الاقتصادي والتنموي. إضافة إلى الدور السياسي المتصاعد والمؤثر في المسرح السياسي العالمي، فهناك بالدرجة الأولى الصين، ومن ثم الهند وكذلك اليابان وكوريا الجنوبية، وماليزيا واندونيسيا، وإيران وسنغافورة وفيتنام وغيرها.
من اللافت للانتباه أن دولاً آسيوية أخرى كانت تعد من الدول المغمورة أو من أقطار العالم الثالث، أصبحت تسير في طريق تنموي متصاعد، وربما تحقق معدلات نمو مرتفعة في المستقبل مثل سيرلانكا، التي أعلنت عن اطلاق قمر صناعي خاص بها بالتعاون مع الصين، ليتوج ما وصلت إليه من مستوى متقدم على الصعيد التنموي، إضافة إلى تطور الحالة السياسية القائمة على انتخابات حزبية حقيقية تفرز حكومة برلمانية.
الدولة الأخرى التي تعد تجربة آسيوية ناجحة تستحق التقدير "فيتنام" التي خرجت من حرب مدمرة استمرت سنوات طويلة، توقفت في منتصف السبعينيات، وها هي الآن أصبحت من عداد الدول الصناعية المصدرة التي ترفد الأسواق العالمية ومنها الأسواق العربية.
أكثر ما يحزّ في نفس المواطن العربي ويشعره بالحزن والأسى أن يرى مختلف الشعوب والدول تتقدم وتنمو، وتحسن أداءها السياسي والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، وتصبح الشعوب تعيش حياتها بحرية وكرامة وإرادة نافذة، وتشعر أنها تقرر مصيرها، وتمارس حقوقها، وتملك سيادتها على أرضها ومقدراتها، وتخوض غمار التنافس مع الشعوب الأخرى في الاسهامات الحضارية الإنسانية، وتضع بصمتها على الانجازات الحضارية العالمية، وفي الوقت نفسه، ما زالت الشعوب العربية في ذيل قافلة البشرية، تعيش على فتات العالم، وتشعر أنها أمة مستهلكة، تستورد غذاءها وكساءها وحريتها وعدالتها، وتستجدي الأقوياء من أجل الاعتراف بحقوقها، مع أنها تملك مقومات النهوض، وتملك المقدرات، وتملك الأراضي الشاسعة، وتملك الشواطئ الطويلة، والأنهار والمعادن والبترول، وتملك قبل ذلك وبعده الانسان الواعي القادر على الانجاز.
أنا لا القي اللوم بشكل منفرد على الحكام والزعماء والأنظمة وحدها مع أنها تتحمل قسطاً وافراً من المسؤولية بكل تأكيد بل ينبغي أن نؤكد أن الشعوب تتحمل جزءاً لا بأس به من المسؤولية وأن القوى السياسية والحزبية، وكل المثقفين والعلماء والأدباء، كل منهم يتحمل جزءاً من المسؤولية أيضاً بحسب ما يحمل كل منهم من علم وتأثير ومسؤولية، ينبغي أن نصل إلى تلك المرحلة التي يشعر الشعب بها بالثقة الكاملة بأنه هو صاحب الدولة وصاحب السيادة وصاحب السلطة، وينبغي أن لا يكتفي بأسلوب المطالبة فقط، بل يجب أن يسعى لامتلاك القدرة التي تؤهله لتحقيق مطالبه المشروعة عن طريق القوة الشعبية الجماهيرية الضاغطة والمؤثرة.
هذا يقودنا إلى أمر بديهي واضح وضوح الشمس، أنه يجب تأجيل الاختلافات الفكرية والسياسية والأيدلوجية، وينبغي البحث عن الأمور الضرورية التي تشكل محلاً للاتفاق والتوافق، والتي تمثل المحطة الاولى في الانطلاق إلى الامام ومغادرة مرحلة الصفر والمربع الأول، التي تتمثل بأن يكون الشعب بمجموعه وعبر تشكيلاته ومكوناته السياسية صاحب السلطة الفعلية والقرار النافذ، عبر صناديق الاقتراع، وبعد ذلك تأتي مرحلة التنافس في الحصول على ثقة الغالبية التي تؤهل للحكم واستلام السلطة.
بمعنى آخر أشد وضوحاً يجب الانتهاء من أساليب التفرقة وإثارة مواطن النزاع الفكري والسياسي والأيدلوجي ونحن ما دون الصفر المطلق، لأن ذلك يشكل ضرباً من ضروب الحمق السياسي المعطل للتقدم نحو التحرر