ديمقراطية الكويت تستوعب المعارضة أيضاً
.jpg)
الطقس في الكويت يميل إلى البرودة، والرياح السريعة، ومن نافذة غرفة في الشيراتون تلمح تلاطم الأمواج في بحر الخليج، لكن الطقس السياسي، ساخن بانتظار انتخابات مجلس الأمة التي تفتح صناديقها
غدا السبت.
انتخابات تجرى للمرة الأولى وفق قانون الصوت الواحد، بعد أن جرب الكويتيون نظام الأربعة أصوات للدوائر الخمس، الذي خلف الدوائر الـ 25.
في الكويت معارضة واضحة للعيان لقانون الانتخابات الجديد، الذي قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد إنه يضعه للاختبار أمام الكويتيين، فإن حقق الإصلاحات المطلوبة، فإنه بذلك حقق إحدى الحسنيين، وإن لم يأت بالإصلاحات، فالمجلس المنتخب مطالب بإيجاد قانون عصري آخر.
المعارضة في الكويت، تفاجأت بقرار رئيس الحكومة الشيخ جابر مبارك الصباح الذي وافق لها تنظيم مسيرة معارضة اليوم الجمعة، وقبل يوم واحد من الانتخابات، حتى يبعث رسالة للشعب الكويتي أولا، وللعالم ثانيا، أن المعارضة والموالاة كلهم في خندق الكويت الواحد، وما يحصل ليس أكثر من خلاف في وجهات النظر حول قانون جديد.
لسعة صدر الشيخ جابر المبارك اختاره أمير الكويت لهذه المرحلة، فهو الشخص الهادئ والحازم، وهو الأقرب إلى "العُوُد"، اللقب المحبب لأمير الكويت، بعدما استشعر المزاج الشعبي، وقرأ مقتضيات المرحلة جيدا.
منذ عدة سنوات تغيرت لهجة الخطاب الكويتي في الشارع والبرلمان والصحافة، فالكويت المعروفة عربيا بالتجربة البرلمانية الطويلة وبحرية الصحافة عندما لم يكن كثير من أرباب الصحافة العربية يعرفون أبجديات الحرية، أصيبت في الفترة الأخيرة بخطاب متطرف وسلوك سياسي معارض، لا ينسجم مع سلوك المعارضة الكويتية التي رسم ملامحها الكبار أمثال الدكتور أحمد الخطيب وسامي المنيس وغيرهما، لكن مع كل هذا بقيت معارضة منضبطة، ولم تخرج على المألوف إلا في السنوات الأخيرة، عندما ارتفع الخطاب الطائفي، السني الشيعي، والمناطقي (داخل السور وخارجه)، والقبلي (بدوي وحضري)، وهذا الخطاب ضرب عصب الديمقراطية الكويتية، بحيث تم حل مجلس الأمة أكثر من مرة، وتمت إعادة تشكيل الحكومة مرات بطريقة لم تكن مألوفة في الكويت.
منذ زمن نضع أيدنا على قلوبنا خوفا على تجربة نحترمها ونقدرها، ولا نتمنى لها سوى التقدم والتطور، وأمنياتنا أن تنتهي الصورة الضبابية التي بدت عليها الساحة السياسية في الكويت في الأشهر الأخيرة.
في الكويت الكثير من الكفاءات السياسية التي تستطيع تقديم المشورة الصادقة، وفيها شخصيات من التيار الديمقراطي لا يُشَكُّ في انتمائها ووطنيتها، كما فيها حركة نسائية متميزة انتخبت اربعة نساء من دون مساعدة الكوتا المرفوضة من القطاع النسائي ذاته، باعتبارها تلغي المساواة في المواطنة، وفيها أيضا مؤسسات محترمة في المجتمع المدني، وفيها (وهذه رافعة قوية للديمقراطية) صحافة مهنية تستطيع أن تقوم بدورها في صنع الرأي العام.
مع كل هذه الإيجابيات يوجد أيضا شخصيات وأعضاء برلمانيون لم يتعلموا مما يجري حولهم، ويحاولون دائما أن يتكسبوا سياسيا، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية العليا، عليهم أن يفتحوا أعينهم جيدا على ما نشاهد في عديد من العواصم والمدن العربية من مخاضات جديدة، واتجاهات تقود المجتمعات إلى أجندات أخرى، من مصلحة الكويت وشعبها البقاء بعيدا عنها.
رئيس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك، وهو ابن أول وزير للأوقاف في الكويت الشيخ مبارك الحمد الصباح، يمتلك من التجربة والعمل السياسي كل مقومات المضي بالديمقراطية الكويتية إلى بر الأمان، وقادر على الإجابة عن جميع الأسئلة المعلقة منذ سنوات عن تأخير مشروعات التنمية، وإعادة وضع الكويت في المرتبة التي تستحقها خليجياً وعربياً