ارتدادات الربيع العربي

في قاعة فخمة جدا مُطلة على بحر الخليج العربي، الهادئة مياهه هذه الأيام، تجرأ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت- وهو بمثابة وزارة الثقافة في البلدان العربية- بتنظيم الندوة الرئيسية في مهرجان القرين الثقافي"19" لهذا العام بعنوان "ارتدادات الربيع العربي ...ربيع العرب ماله وما عليه"، بتنسيق كامل من قبل المفكر الكويتي البارز الدكتور محمد الرميحي وبمتابعة من الامين العام للمجلس علي يوجا، ومشاركة 50 شخصية سياسية وأكاديمية وإعلامية عربية، جاءوا من مختلف الدول العربية، ودول الربيع العربي تحديدا، لمناقشة أبرز المواضيع الشاغلة للعقل العربي، في مآلات الربيع العربي ومخرجاته.
الندوة عميقة جدًا، ومحاورها تركز على جذور الربيع العربي، وانعكاسات التعليم والثقافة والفن والاقتصاد.. على الربيع العربي، بعد الاستماع لتجارب حية لبلدان وقع فيها الربيع وحقق تغييرات جذرية كما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن، والتي تنتظر كما في سورية والدول المرشحة الأخرى.
تركيز الأبحاث المقدمة والمداخلات التي أغنت الندوة، انصب على مخرجات الربيع العربي، وإلى أين انصبت نتائجه، ولهذا احتل التيار الإسلاموي النصيب الأكبر من النقاشات، داخل جلسات الندوة الرئيسية، وفي الحوارات الجانبية للمشاركين.
في بطن تفاصيل الحوارات والمعلومات اكتشف الجميع أن ما تفعله جماعة الإخوان المسلمين في عديد الدول العربية منسق بشكل واضح، لأن المعلم والمدبر واحد، فما يُجرى على سبيل المثال في الأردن والكويت، يكاد يكون متشابها، وما تفعله وتخطط له جماعة الإخوان في البلدين، هدفه واحد، وهو تحديد صلاحيات الملك في الأردن، والأمير في الكويت، وهو بشكل مباشر انقلاب على الدستور في البلدين.
أما النجم الذي احتل صدارة المتابعة في المؤتمر، فهو القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، المحامي والكاتب ثروت الخرباوي، الذي يعرف خبايا وخفايا الجماعة مثلما يعرف باطن كفيه ، ولهذا فهو يشكل حاليا الخطر الاكبر على سياسات الجماعة التي يكشفها يوميا، عبر حواراته المتعددة مع وسائل الإعلام، ومشاركاته في الندوات المتخصصة.
الخرباوي كان واضحا تماما وروى يوميات الثورة المصرية منذ اليوم الأول، وكيف شاركت الجماعة في اليوم الثامن بعد أن تأكدت ان ما يُجرى في ميدان التحرير ثورة حقيقية، لكن الخرباوي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العرب الآن يشاهدون نهاية الفيلم الإخواني "الصعود إلى الهاوية"، لكنه يحذر من أن الإخوان هم أخطر جماعة في تاريخ الأمة الإسلامية، ويضيف إن الإخوان المسلمين يمارسون مع الأمريكيين خبث الفلاحين، وأن الجهاز الامني الذي يسعى الإخوان لإنشائه بالتعاون مع إيران في منتهى الخطورة على بلدان الخليج العربي وحتى مصر، وكشف أن الفرقة 95 إخوان هي الطرف الثالث الذي قتل الشهداء وأحرق الأقسام وأخرج المساجين وطالب بمساءلة وزير الشباب المصري الحالي أسامة ياسين عن ذلك، وكشف كيف تم استدعاء عصام العريان إلى واشنطن فسافر إليها من قَطَر ثم عاد ليطلق فورا تصريحه بشأن اليهود، والعريان حسب الخرباوي، شخصية ضعيفة ولم يكن يوما قويا في الجماعة ويستخدمونه في اطلاق بالونات الاختبار.
القضية الثانية احتلت قَطَر ودورها في الربيع العربي جملة تساؤلات انصبت حول كيفية جمع المتناقضات، فقَطَر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل، وتنفذ الأجندات الأمريكية، تحمي الإخوان المسلمين وتدعم حركتهم في مصر وسورية كما تدعم حماس، بعد أن كانت يدها طويلة في المَعِدَة الليبية ولا تزال.
الاستنتاج الرئيسي التي خرجت به الأوراق البحثية والمداخلات في اليومين الأولين من الندوة، بضرورة مغادرة عقلية المؤامرة حول الربيع العربي، والتخلص من عقلية الثأر، والانتباه إلى التنمية الحقيقية والتخلص من الاقتصاد الريعي الذي دمر عديد الدول العربية.
( العرب اليوم )