المطلوب اليوم أن ينتصر صوت «العقل»

مع انتهاء ساعات هذا اليوم حيث تقفل “الصناديق” بما صب فيها من أصوات، سنكتشف: هل أصبنا أم أخطأنا؟ هل ستدخلنا “عتبة” البرلمان الجديد إلى مرحلة انتقالية عنوانها “الإصلاح” أم ستعيدنا الى البحث عن خيارات أخرى كنا قد استبعدناها فيما مضى؟
كنا نتمنى - بالطبع - أن تكون صورتنا في هذا اليوم أفضل، وأن يكون الذهاب الى “الصناديق” خيار الجميع، فالأصل هو المشاركة والمقاطعة استثناء لكن - سامحهم الله- اولئك الذين بددوا هذا الأمل، وحرموا مجتمعنا من فرصة “التوافق” والتدافع نحو بناء مستقبلهم، وافقدونا في هذا اليوم “لحظة” لطالما انتظرناها، وعلّقنا عيها آمالنا ومطالبنا المشروعة.
على كل حال، حصل ما حصل، وليس بوسعنا الآن ان نعيد عقارب الساعة الى الوراء، ولا أن “نتأسى” على الماء المسكوب، المهم أن نخرج في هذا اليوم بأفضل مما كنا في الأمس، وان نفرز سواء شاركنا أو قاطعنا افضل ما يميزنا، وأن لا نحتكم لمنطق “المناكفة” والاقصاء، او نعمق حالة الانقسام، فمصلحة بلدنا اهم من تسجيل “الأهداف” ومن التلويح بتصفية الحسابات ومن لعبة “الاستقواء” التي يريد البعض ان “يورطنا” فيها بلا وازع من أخلاق او حدّ ادنى من العقلانية.
المطلوب اليوم ان ينتصر “صوت” العقل، وان ننحاز جميعا “للضمير” الوطني، بما يفرضه علينا هذا الانتصار وذلك الانحياز من التزام “بالهدوء” والصبر وبأخلاقيات الخصومة وآداب الاختلاف، فالصناديق مهما كانت نتائجها لن تحسم “مستقبلنا” ولن تكون نهاية المطاف.
غدا يمكننا ان نجلس، وان نجرد حساباتنا ونراجع مواقفنا ونتبصر خطواتنا القادمة، يمكننا ان نتكاشف ونتصارح ونحاسب انفسنا، وأن نعترف بأخطائنا وان نواجه المصير الذي يجب ان “نتوافق” عليه، بعيدا عن صراع “الأجندات و”وشماتة “الرهانات” وحروب “الإخوة الأعداء”!
على مدى العامين المنصرمين افترقنا بين من خرج “للشارع” لكي يطالب بالإصلاح، وبين من آثر ان يجلس على كراسي “المتفرجين” انتظارا للحظة الفرج، وبين من أصرّ على “وصفة” محددة للإصلاح تصرف في صيدلية “الانتخابات” وها نحن - او بعضنا - سيذهب اليوم لصرف هذه الوصفة.. دون أن نعرف فيما اذا كانت ستعيد الينا “عافيتنا” أم لا؟
من المبكر - الآن - ان نفكر في سيناريوهات ما بعد الانتخابات، سواء أكان على صعيد “الخريطة” البرلمانية او الحكومة القادمة، او الحراكات في الشارع او الوجوه الجديدة التي ستقتحم المشهد، فالتجربة مهما كانت مؤشراتها التي التقطناه في الشهور الماضية ما زالت غامضة، والأوراق ما زالت مختلطة، وربما نحتاج في هذا اليوم للتدقيق في مسألتين اساسيتين هما: المشاركة والنزاهة.. صحيح ان ثمة “برودة” في مناخاتنا الانتخابية، وصحيح ان غياب بعض القوى والأطياف السياسية والشعبية افقدت هذا “الموسم” نكهته الضرورية، لكن الصحيح ان تجربة “النزاهة” اذا ما تحررت من “تركة الماضي” ستعيد الينا بعض الثقة والأمل وستمنحنا طاقة جديدة للانطلاق نحو تجربة افضل..
باختصار، كل ما نتمناه ان يمرّ هذا اليوم بهدوء وسلام، وان يخرج بلدنا فيه بأقل ما يمكن من خسائر، فقد تعبنا جميعا من سطوة “الاشتباكات” والصراعات والاجتهادات، وحان الوقت لكي نجلس على الطاولة ونعيد رسم صورتنا من جديد! ( الدستور )