إيران حين تفقد أعصابها وتهدد!!

تم نشره الأحد 31st آذار / مارس 2013 02:57 صباحاً
إيران حين تفقد أعصابها وتهدد!!
ياسر الزعاترة

إثر قرار قمة الجامعة العربية الذي انعقد في الدوحة بمنح مقعد سوريا في الجامعة العربية للائتلاف الوطني، لم تتردد إيران في وصف ما جرى بأنه “سلوك خطير”، وأنه “سيضع حدا لدور المنظمة (الجامعة العربية) في المنطقة”. ولا ندري ماذا قال خطيب جمعة طهران أيضا؟!

بعد ثلاثة أيام من إعلان قرار الجامعة وجلوس معاذ الخطيب مكان بشار الأسد، خرجت طهران عن دبلوماسيتها، حيث ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن حسين أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية قوله “من مصلحة قطر أن تكف عن الإجراءات المتسرعة وتصعيد سفك الدماء ضد الشعب السوري”، مضيفا أن “الشعب السوري الواعي والمقاوم لن يسمح إطلاقا للآخرين بأن يتخذوا القرار بشأن مصير بلاده”.

من يدقق في كلام عبد اللهيان، فلن يعثر سوى على لهجة تهديد واضحة، الأمر الذي لم يحدث مع الآخرين، وإن كان يشملهم بهذا القدر أو ذاك، والسبب بالطبع أن قطر هي الداعم الأكبر للثورة السورية، لا تسبقها غير تركيا التي تفتح حدودها للثوار بشكل لافت، وهو تحديدا ما منحهم الفرصة للسيطرة على أجزاء كبيرة من مناطق الشمال، وقد كان بشار واضحا في كشف ذلك، حين قال إن إغلاق الحدود التركية سيمكنه من القضاء على “التمرد” في غضون شهر، مع أن ذلك يبدو ضربا من المبالغة دون شك.

وفيما تأتي السعودية ثالثا بين الدول الداعمة للثورة السورية، فقد جاءها التصعيد من لون آخر، إذ استخف المسؤولون الإيرانيون بحديثها عن شبكة تجسس لم تحدد هويتها، حيث اعتبروا أنفسهم متهمين، فما كان من الرياض سوى الرد مؤكدة على أنها شبكة تجسس إيرانية. وفي حين ذهب البعض إلى أن إعلان الكشف عن تلك الشبكة له صلة بأوضاع داخلية، فإن ذلك لا ينفي أن إيران لا تتردد في إحداث اختراقات في الدول العربية؛ ودول الخليج على وجه الخصوص، وهي اليوم تسعى لأن تفعل ذلك في مصر أيضا، كما تذهب الكثير من التقديرات، بل وبعض المعلومات أيضا، وبالطبع في سياق من التخريب على الرئيس مرسي الذي لا يبدي تجاوبا مع دعواتهم للتقارب.

لا أعتقد أن القيادة القطرية قد غفلت عن نبرة التهديد الواضحة في تصريحات “عبد اللهيان”، وهي ستأخذها على محمل الجد، بخاصة في ظل التداخل في المصالح بين البلدين، هما اللذان تتداخل حقول الغاز فيما بينهما.

أيا يكن الأمر، فإن على دول الخليج أن يكون لها موقفها الصريح من هذه التهديدات، وربما كان من الأفضل أن ترسل القاهرة أيضا رسالة واضحة لطهران بأن أية إساءة لدول الخليج ستعني إساءة لها، رغم أن ما تعانيه القيادة المصرية من بعض تلك الدول يبدو مريرا إلى حد كبير، وقد آن لها أن تحكّم العقل قبل أن يفيض كأس الصبر المصري. وقد كان لافتا أن مرسي في كلمته المطولة في القمة العربية قد تحدث بلهجة حازمة عن أنه لن يسمح بالتدخل في الشأن الداخلي المصري، الأمر الذي فهمه الجميع عربيا (يشمل ذلك التدخلات الإيرانية)، بل عاد وزير الخارجية القطري إلى التأكيد عليه في مؤتمره الصحفي مع نبيل العربي في ختام القمة، مشيرا إلى من يبذلون الأموال الضخمة من أجل تشجيع الفوضى في مصر.

الأهم من ذلك كله هو السؤال المتعلق بسبب العصبية الإيرانية، وهل يتعلق الأمر فقط بقرار نقل مقعد سوريا في الجامعة للمعارضة، أم أن هناك في الأفق أشياء أخرى.

من المؤكد أن قرار القمة العربية ليس عاديا بحال، لكنه ليس الوحيد الذي أفقد القيادة الإيرانية أعصابها، بل هناك ما احتواه بيان القمة من تشريع عملي لنقل السلاح إلى الثوار. أما الجانب الذي لا يقل أهمية فيتمثل في التقدم الذي بدأ الثوار بإحرازه على مختلف الجبهات، والذي لا يشير إلا إلى وجهة واحدة عنوانها أن سقوط النظام قادم لا محالة، بصرف النظر عما إذا كان سيحدث بعد شهر أو شهور؛ تطول أو تقصر. ولا يجب أن ننسى هنا ذلك المؤتمر الذي عقده معارضون علويون في القاهرة، والذي قد يدفع بعض رموزهم في المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى التفكير بالتضحية ببشار من أجل بقاء الطائفة، وذلك عبر الانقلاب عليه والتفاهم مع المعارضة على تسليم السلطة بشروط وضمانات معينة.

وحين تتبدى ملامح التصعيد وترنح النظام على مشارف انتخابات الرئاسة الإيرانية، فمن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى مزيد من العصبية في صفوف قيادة المحافظين التي تعيش حمّى الخلافات فيما بينها حول الرئيس المقبل بعد نجاد، فيما تعيش هواجس الخوف من هبّة شعبية على غرار الربيع العربي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، مردها مغامرات لا تبدو مقنعة لأكثرية الشعب.

ما ينبغي أن يقال ختاما هو أن خسائر إيران في هذه المعركة ستكون كبيرة، لكن تصعيدا من طرفها سيفاقم الأمر، وسيجعل خسارتها أكبر بكثير، وإذا اعتقدت أنها ستركّع الأمة بلغة التهديد والتدخل السافر، فهي واهمة. أما شيعة المنطقة، فليس من مصلحتهم أن ينساقوا خلف جنونها، هم الذين سيواصلون العيش بين أهلها كجزء لا يتجزأ منهم. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات