الإخوان ودوّار وصفي التل

طيلة السنتين الماضيتين، ظل الوصول الى دوار الشهيد وصفي التل عنواناً للنقاش والاختلاف بين أعضاء "الحراكات" في إربد، ففي حين كان بعضهم يصر على الوصول الى الدوار، كان الإخوان المسلمون يرفضون ذلك لأسباب سياسية واضحة، تتعلق باسم وصفي التل (سياسياً)، وعدم قبولهم له كرمز او كعنوان للمسيرات. ولكن سعياً منهم لعدم التركيز على هذا الخلاف، عمدوا في مسيراتهم الخاصة الى تغيير المكان.
أما في المسيرات التي كان الإخوان يشاركون الآخرين فيها، فقد كانوا يتوقفون قبل دوار وصفي التل بحوالي 20 متراً، فيما يحاول الآخرون مواصلة السير، وقد حضرت واحدة من أكبر المسيرات الجماعية وكنت شاهداً (عن قرب) على الخلاف بين الفريقين، عندما أعلن الإخوان فض المسيرة، ولم يوافقوا على السير خطوات قليلة أخرى نحو الدوار، وقد علا الصراخ وانطلقت الشتائم السياسية وغير السياسية في شتى الاتجاهات.
المسيرة الأخيرة لها ظروف خاصة، فقد جاءت بعد بيان نشرته عدة حراكات اتهمت فيه الإخوان بالتفرد والاقصاء، والسعي لتحقيق أهداف التنظيم فقط بعيداً عن الهدف العام، والاستعداد لعقد الصفقات مع النظام. وللرد على ذلك أعلن الإخوان فوراً، عن مسيرة مركزية غير مقتصرة على إخوان اربد، تنتهي هذه المرة عند دوار "الشهيد وصفي التل"، وبالفعل، فقد ارتفع صوت قائد المسيرة يقول ان الهدف هو "الوصول الى دوار الشهيد وصفي التل"، ثم هتف: "عالدوار عالدوار.. اربد يا بلد الأحرار"، وردد المشاركون الهتاف خلفه.
لا يناقش هذا المقال الاعتداء المرفوض على المسيرة، فهذا أمر محسوم وقيل فيه الكثير. وربما يكون من المفيد أكثر التركيز على ملاحظات تتصل بالطرف الآخر:
أولاً: من حق التنظيم السياسي أن يناور ويرد ويصعّد ويرفع من وتيرة ومستوى المواجهة، وما إلى ذلك من "شغل السياسة"، لكن هذا الحق ليس مفتوحاً عندما تكون ممارسته في الشارع وبين الناس ولها تأثيرات محتملة في المجتمع، في هذه الحالة هناك أخلاقيات يتعين الالتزام بها، وهو ما لم يتحقق.
ثانياً: فيما يتعلق بالرموز المحلية أو الوطنية مثل وصفي التل؛ إن من حق الإخوان أن يكون لهم الموقف السياسي الذي يريدون، أي من حقهم الخصومة مع وصفي التل وعدم الاعتراف به كرمز، ولكن ليس من حقهم اللعب والمناورة على الناس في مثل هذا الموضوع، الى درجة الانتقال بين نقيضين؛ أي الانتقال من رفض مجرد الوصول الى الدوار المسمى باسم وصفي التل، الى المناداة عليه شهيداً ثم عنواناً للتحرك الشعبي.
بودي الاستزادة حول أخلاقيات العمل المعارض، لولا أن الخصم هو السلطة التي تحب الشماتة بالمعارضين. ( العرب اليوم )