غزة على موعد مع الرصاص والدخان

تم نشره الثلاثاء 23rd نيسان / أبريل 2013 01:21 صباحاً
غزة على موعد مع الرصاص والدخان
عريب الرنتاوي

إسرائيل تقرع طبول الحرب من جديد على قطاع غزة..هذه المرة بحجة أن الصواريخ التي ضربتها من سيناء، إنما جاءت (أو جاء مطلقوها) من القطاع..وهي إذ تعرف تمام المعرفة، أن حماس أو أي من الفصائل الفلسطينية المعروفة، ليست على علاقة بـ”صواريخ إيلات”، فإنها تبدو مصممة على “معاقبة” القطاع بشعبه وفصائله على فعلة لم يقترفوها، ولقد قالها نتنياهو بصراحة (وقاحة)، غزة يجب أن تدفع الثمن الباهض لـ”صاروخي إيلات”.

من يقرأ المواقف والتصريحات الإسرائيلية المعقبة على “صاروخي إيلات”، يدرك تمام الإدراك، أن “مركز الثقل” في التفكير الإسرائيلي الجاري، لم يعد يتعلق بتقليم (تقليع) أظافر غزة وأنيابها، بل وفي تحويل شعبها ومقاومتها إلى “قوات حرس حدود”، تتعدى مهامه و”تفويضه” حدود القطاع الجغرافية، إلى كل ما جاورها من حدود برية وبحرية.

ولأن أحداً في قطاع غزة لن يقبل تحت أي ظرف أوتهديد بهذه المهمة القذرة، فإن إسرائيل ستعمل بكل طاقتها الحربية، على رفع الكلفة المادية والإنسانية لأي عمل ينطلق من القطاع أو جواره، ليس على المقاومة والفصائل في القطاع فحسب، بل وعلى أهل القطاع وبنيته التحتية وموارد عيشه وسبل بقائه..وهي سوف تسعى في جعل “الغزيين” يحسبون ألف حساب، لكل صاروخ أو قذيفة، تنطلق من القطاع و”أكنافه”، حتى وإن كان مطلقوها من غير أهل القطاع، وذوي أجندة “جهادية عالمية” لا تمت بصلة لقضية التحرر الوطني الفلسطينية.

هي ذات “المعادلة” التي اعتمدتها إسرائيل في التعامل مع السلطة والمنظمة وفتح وياسر عرفات طوال سنوات، منذ قيام السلطة الفلسطينية (1994) وحتى السور الواقي في 2002، عندما كانت تصب جام غضبها وتدميرها على مؤسسات السلطة وأجهزتها وبنيتها التحتية، رداً على كل عملية كانت تنفذها حماس أو أي من فصائل المقاومة، التي ما كانت تعترف لا بأوسلو ولا بالسلطة المنبثقة عنه..إلى أن وصلنا إلى تدمير السلطة واغتيال ياسر عرفات، بحجة “الحرب على الإرهاب”، وبقية المسلسل الدامي معروفة للجميع.

وهي المعادلة التي حكمت السلوك الإسرائيلي الإجرامي في لبنان..حيث تحوّلت البنى التحتية اللبنانية في مختلف المناطق (من دون تمييز) إلى هدف لسلاحي الجو والبحرية الإسرائيليين، رداً على كل عملية كانت تقوم بها المقاومة و”حزب الله” ضد أهداف إسرائيلية (غالباً عسكرية)، رهاناً من إسرائيل على أن رفع الأكلاف المدنية والاقتصادية والبشرية لهذه العمليات، من شأنه تأليب الرأي العام على القائمين بها، وإيصال رسالة واضحة لكل من يعنيهم الأمر، بأن العقاب الماحق، قادم لا محالة.

هي عقلية “الاختطاف وأخذ الرهائن”، ولكنها تمارس على مستوى الدولة، وضحاياها ليسوا بضعة أفراد أو منظمات معزولة، بل المجتمع والدولة والشعب بأسره..وهذا ما جعل السلوك الإسرائيلي في لبنان وفلسطيني، يرقى إلى مستوى “جرائم الحرب” و”الجرائم ضد الإنسانية”..هذا ما رفع الإرهاب الإسرائيلي الجماعي، إلى مستوى “إرهاب الدولة”.

في الحالة الراهنة، يُراد لقطاع غزة أن يدفع ثمن “انفلات الجماعات الأصولية” في الإقليم برمته..وخصوصاً في سيناء التي تحوّلت إلى “ساحة جهاد” لبعض التيارات الأكثر تطرفاً وتشدداً، من الذين يحاربهم الغرب في مالي، ويدعمهم في سوريا..يُراد لقطاع غز أن يكون وقوداً لا لحرب إسرائيل ضد مقاومة الشعب الفلسطيني، بل وللحرب الإسرائيلية – الغربية على الإرهاب كذلك..والمؤسف أن كل ذلك يجري وسط صمت متآمر، مدجج بخطاب المعايير المزدوجة المنافق، الذي يخيم على أداء العديد من العواصم الإقليمية والدولية.

غزة بانتظار جولة جديدة من “أعمدة السحاب” و”الرصاص المصبوب”، في ظل استمرار أزمة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وغياب العرب وغيبتهم الطويلة عن “قضيتهم المركزية الأولى”..وفي ظل انشغال مصر بأزماتها الداخلية المتناسلة كالنبت الشيطاني..غزة على موعد جديد مع الألم والمعاناة، ما لم تنجح “الدبلوماسية” في كبح جماح “الثور الإسرائيلي الهائج”..غزة على موعد جديد من الصمود والمقاومة والبطولة، بعد أن فقدت “ترف” توقيت حروبها ومعاركها، وبات يتعين عليها ضبط إيقاع حياتها على “توقيت العدوانية الإسرائيلية المنفلتة من كل عقال”. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات