روايتان لصاحب الحكم الأعلى في تاريخ الاحتلال

تم نشره الثلاثاء 30 نيسان / أبريل 2013 02:32 صباحاً
روايتان لصاحب الحكم الأعلى في تاريخ الاحتلال
ياسر الزعاترة

الأسير المهندس عبد الله غالب البرغوثي هو أحد أهم قادة كتائب القسام التابعة لحركة حماس، وهو صاحب الحكم الأعلى في تاريخ دولة الاحتلال (67 مؤبدا زائد 5200 عام). هل سمعتم بحكم كهذا في تاريخ المحاكم في العالم؟!

بعد كتابه “امير الظل .. مهندس على الطريق”، والذي كان أقرب إلى سيرة ذاتية، صدرت للمهندس مؤخرا روايتان هما: “الماجدة .. ذكريات بلا حبر ولا ورق”، و”المقصلة وجواسيس الشاباك الصهيوني”. وكلاهما كتب (لم يقل لنا كيف تم ذلك؟)، أثناء عزله في زنزانة انفرادية امتدت ما بين اعتقاله في العام 2003، وحتى خروجه من العزل بعد اضراب الأسرى عن الطعام منتصف العام الماضي.

من العبث محاكمة الروايتين وفق الأسس الفنية التقليدية، فهنا ثمة كاتب عاش ويعيش وضعا استثنائيا. كاتب لم يطلع كثيرا على فنون الرواية قبل اعتقاله؛ إذا لم يكن لديه الوقت لفعل ذلك، هو الذي مكث سنوات يطارد محتلي أرضه ويطاردهم، ومعهم جحافل من العملاء الذين يحتلون مساحة من عقله وتفكيره تبعا للدور القذر الذي لعبوه في مساعدة الاحتلال.

كل ذلك لا يعني أننا أمام روايتين هامشيتين، فهما يشيران إلى أديب يمتلك إمكانات طيبة، أكان على صعيد اللغة، أم على صعيد البناء الدرامي، وكذلك الخيال الواسع، مع أن أكثر ما ورد فيهما هو جزء لا يتجزأ من التجربة الطويلة التي عاشها؛ مجاهدا ومطاردا وأسيرا، ومن المؤكد أنه هو بشحمه وعظمه وروحه وتجربته كان حاضرا في الكثير من فصول الروايتين، إضافة إلى عدد من الذين عملوا معه، أو ممن التقاهم في ميادين الجهاد وعتمة الزنازين.

في رواية “الماجدة.. ذكريات بلا حبر ولا ورق”، حكاية شابة فلسطينية تعيش في الأردن؛ من لحظة خطبتها لشاب فلسطيني من مخيم جنين لا تعرفه حين كانت في انتظار نتائج الثانوية، ومرورا بتجربته وتجربتها في الجهاد خلال انتفاضة الأٌقصى، ومن ثم وقوعه في الأسر بعد معركة مخيم جنين، ومن ثم عودتها إلى الأردن ونشاطها الاجتماعي والخيري، وصولا إلى النهاية المفرحة بخروج الزوج (الحبيب البطل) من الأسر في صفقة شاليط، وإبعاده إلى قطاع غزة، وانضمامها إليه هناك.

في هذه الحقبة الممتدة ما بين عام 2000، وحتى 2012 يروي لنا البرغوثي من خلال قصة الشابة ماجدة، فصلا مهما من أهم فصول النضال في التاريخ الفلسطيني ممثلا في انتفاضة الأقصى التي تركت آثارا بالغة الأهمية على الشعب الفلسطيني والجوار العربي والإسلامي. فصلا مضمخا بالبطولة والتضحية والمعاناة والحزن والفرح. إنها حكاية فلسطين في تمردها على الغزاة. حكايتها وهي تكسر ميزان القوى مع المحتلين بإرادة الإيمان، وقوة الإرادة والعزيمة. ربما كانت في بعض فصولها بسيطة من زاوية رصدها لتحولات الشخوص، وانتقالهم من حال إلى حال على نحو لا يبدو مقنعا بعض الشيء، لكن المهم هو رصدها لهذا الفصل المهم من تاريخ الشعب الفلسطيني بكثير من الحميمية التي تشد القارئ وتبكيه وتشعره بالفخر في آن.

في الرواية الثانية “المقصلة وجواسيس الشاباك الصهيوني”، نحن أمام رواية بوليسية بكل ما في الكلمة من معنى. صحيح أن فصلا آخر من فصول النضال الفلسطيني كان يُروى ها هنا أيضا؛ فصل المطاردة بين رجال المقاومة وبين عملاء الاحتلال، غير أنه كان يتم في إطار بوليسي، بل لعله مخابراتي بتعبير أدق.

واللافت هنا أننا نعثر على معلومات مثيرة للدهشة لم نسمع بها من قبل عن آليات الإسقاط والتجسس والأدوات التكنولوجية التي تستخدم لهذا الغرض، فيما يبدو أنها درس للمقاومين، إذ ثمة تفاصيل مرعبة تكشف المستوى التكنولوجي الذي بلغه المحتلون في عوالم التجسس، في ذات الوقت الذي تشعرنا فيه بالأسى لأن من أبناء شعبنا من بلغ بهم السقوط مبلغا لا يمكن تصوره في بعض الأحيان. وهم وإن كانوا قلة قليلة، إلا أن تأثيرهم السلبي كان كبيرا على حركة النضال الفلسطيني.

من الصعب الدخول في عالم رواية من هذا النوع دون قراءتها، إذ أن تفصيلاتها تثير الرعب، لكنها تبعث على الفخر أيضا، وبالطبع نظرا للقدرة التي بلغها المقاومون في فهم آليات التجسس الصهيونية وفك رموزها رغم فارق الإمكانات الهائل. وهنا في هذه الرواية أيضا نحن إزاء نهاية سعيدة بانتصار الثوار على العملاء، لكنه يبقى انتصارا جزئيا دون شك، لأن كشف الخلية التي تحدثت عنها الرواية لا يعني كشف كل الخلايا التي لا يزال كثير منها خناجر مزروعة في ظهور الفلسطينيين، مع أن التنسيق الأمني مع الاحتلال لا زال يشكل فصلا آخر من فصول الحزن في التاريخ الفلسطيني، وهو ما يجد صداه بشكل واضح، بل بتركيز أحيانا، في كلتا الروايتين. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات