تمييز ظالم وغير مبرر

تم نشره الخميس 02nd أيّار / مايو 2013 01:33 صباحاً
تمييز ظالم وغير مبرر
فهمي هويدي

حين أصدر الرئيس محمد مرسي قراره بمعاملة الهاربين من بطش النظام السورى معاملة المصريين، كنت أحد الذين رحبوا بهذه الخطوة، ودعوا في حينه إلى أن يشمل القرار الفلسطينيين المقيمين بمصر الذين لا يزيد عددهم على 20 ألفا. وقد كان ذلك وضعهم في المرحلة الناصرية إلى ان انقلب عليهم السادات واعتبرهم «أجانب»، وهو الموقف الذي استمر وتدهور في عهد مبارك، والذي شيطنهم نظامه وحولهم إلى تهديد للأمن القومي المصري، وحين رحبت بقرار الرئيس مرسي لم انتبه إلى أن بين الذين هربوا من بطش النظام السوري فلسطينيون كانوا لاجئين هناك، وتعرضوا لما تعرض له غيرهم فاضطروا إلى مغادرة البلاد. كأنما كتب عليهم ان يقضوا حياتهم بين لجوء ولجوء. في مصر كانت تنتظرهم مفاجأة أخرى، لأن البيروقراطية فرقت بينهم وبين أقرانهم السوريين الذين جاؤوا معهم. وهو ما سجله وانتقده المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان مشترك مع تجمع «راصد فلسطينيى سوريا» (صدر في 29 مارس الماضي) إذ ذكر «ان السلطات المصرية تمارس تمييزا واضحا ضد الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية، حيث لا تتم معاملتهم على قدم المساواة مع اللاجئ السوري، وذلك بصورة تهدد أمنهم وتخلف تعقيدات في وضعهم القانوني على المدى البعيد». وأشار البيان إلى أنه «لا يسمح للاجئ الفلسطيني السوري بدخول الأراضي المصرية إلا إذا كان قادما مباشرة من دمشق، وهو ما يمثل تعقيدا بالغا في ظل الإغلاق شبه الدوري لمطار دمشق، الأمر الذي يضطر الهاربين إلى السفر عبر مطار بيروت أو اسطنبول. الغريب في الأمر أن هؤلاء الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سورية يحتجزون بصورة تعسفية في مطار القاهرة، وأغلبهم يرحلون إلى المطارات التي قدموا منها. وقد تم رصد حالات ترحيل واعتقال في المعتقلات المصرية لعدد منهم، علما أن القانون الدولي في هذه الحالة يقضي بمساواتهم بغيرهم من اللاجئين السوريين.

حين اشتدت معاناة الذين سمح لهم بدخول مصر ولم يجدوا أذنا تسمتع إلى مطلبهم. فإنهم اتجهوا إلى السفارة الفلسطينية في القاهرة آملين، أن تخاطب السلطات المصرية وتتبنى مطلبهم في المساواة مع اللاجئين السوريين، فشكلوا لجنة متواضعة للدفاع عن حقوقهم، دعت إلى اعتصام أمام السفارة يوم الثلاثاء 23/4، الأمر الذي سبب إحراجا للسفير الفلسطيني والعاملين معه، فأصدرت السفارة بيانا تحدث عن رعايتها لمطالبهم، الأمر الذي وجده المعتصمون متناقضا مع أوضاعهم فتعالت هتافاتهم ضد السفارة. وطالب بعضهم بإقالة السفير. ولم تجد الجموع التي احتشدت مفرا من نصب خيامهم أمام السفارة ورفع الأعلام الفلسطينية عليها، معبرين بذلك عن إصرارهم على مواصلة الاعتصام حتى يستجاب مطلبهم الذي يقرره لهم القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. إزاء ذلك أبلغهم السفير الفلسطيني بأنه طلب موعدا مع وزير الخارجية المصري لحل مشكلتهم. وإزاء ذلك علقوا اعتصامهم وأمهلوا السفارة عشرة أيام لتلبية مطالبهم، مؤكدين عودتهم للاعتصام يوم الأحد المقبل (5/5) في حال عدم الاستجابة لها. وقد حصروا مطالبهم في أحد أمرين: إما السماح للمفوضية السامية لحقوق اللاجئين بالقيام بدورها في توفير الرعاية لهم، أو صدور قرار مصري يساوي بينهم وبين اللاجئين السوريين، بما يضمن عدم ترحيل القادمين منهم عبر المطارات الأخرى طالما أنهم يحملون وثائق سفر سورية، ويوفر لأبنائهم فرصة مواصلة تعليمهم، دون تمييز أو إهانة.

لا أخفي شعورا بالخزي والعار إزاء استمرار سياسات مبارك في التعامل مع الملف الفلسطيني باختلاف عناوينه، وهي السياسات التي ما تزال البيروقراطية المصرية والأجهزة الأمنية تتبناها، كما ما تزال الأبواق الإعلامية المعبرة عن تلك السياسات تواصل دورها فى تسميم الأجواء وتعبئة الرأي العام ضد الفلسطينيين في مسلك مشين لا يليق بدور مصر ولا بمقام الشقيقة الكبرى.

أدري أن الفلسطينيين لديهم أكثر من مشكلة مع مصر، من مخلفات عهدين، أحدهما حكم البلاد خلاله رئيس تصالح مع الإسرائيليين، والثاني رئيس صار كنزا استراتيجيا لإسرائيل. الأمر الذي شكل مصدرا لمعاناتهم التي ينبغي ألا تستمر، بل يجب أن يوضع لها حد بعدما عادت مصر للمصريين بثورة 25 يناير. لكن الوضع الطارئ للفلسطينيين اللاجئين من سوريا لا يحتمل الانتظار، وينبغي أن يحسم على وجه السرعة بما يحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم. حيث أزعم أن إهانة الفلسطيني أو أي عربي آخر في مصر التي نعرفها لا تكون من نصيبه وحده، وإنما تعد في حقيقة الأمر إهانة لمصر والمصريين أيضا. ( السبيل )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات