وزارة بلا وزير

غالباً ما تفتقد حكوماتنا عنصر القدرة على تنفيذ برنامج العمل الذي تُعلن عنه بُعيد تشكيلها بسبب قصر مدة عملها التي لا تتجاوز خمس سنوات بأفضل حال من الأحوال، وهي في الحقيقة مدة غير كافية لتنفيذ أي برنامج عمل وطني أيا كان مجال اختصاصه، خصوصا إذا كان البرنامج يتعلق بالتنمية لا بالخدمات. فالمتابع لأداء الحكومات يرى أن كل حكومة جديدة تأتي متحمسة برؤية وبرنامج مختلفين كلياً عن برنامج ورؤية من سبقها، دونما الاخذ بمبدأ البناء والمتابعة عند النقطة التي انتهى اليها السابقون، وهذا ما يقودنا الى البطء في استقرار أعمدة وقواعد التنمية داخل الاردن بشكل عام، مما ينعكس سلباً على أداء وعمل وزارات التنمية خصوصاً وبرامج عمل وزرائها الذين لن نشك في وجود الرغبة الصادقة لديهم في خدمة القطاع الذي يشغلونه. ومن أمثلة وزاراتنا التي نأسف على واقع حالها وأدائها التي حملت بإنشائها ومسماها مسؤولية كبيرة عنوانه «التنمية السياسية»، حيث يفاجأ القارئ والمطلع بأن هذه الوزارة الوليدة حديثاً في العام «2003» قد تعاقب على قيادتها طوال فترة الأحد عشر عاماً المنصرمة «27» وزيراً منهم «5 «مكررون!، أي بمعدل عمر وسطي للوزارة وللوزير لن يتجاوز الستة أشهر، هذا إذا لم نستثن من هذه المدة القصيرة شهر بأكلمه للعطل الرسمية.
وهذا ما يقود الزائر لموقع الوزارة الالكتروني او القارئ لإصداراتها او المتابع لأدائها وآلية عملها لعدم رؤية أي إضافة نوعية ومميزة وجديدة للتنمية الحزبية والسياسية في الاردن، ولعل أفضل مراحل التنمية البطيئة التي نشهدها لوزارتنا قد جاء في الحقبة الحالية للوزير الكلالده الذي حظي اكثر من غيره من بين نظرائه السابقين بأطول فترة من عمر وزارته، فبتنا نسمع ونرى في حقبته عن قانون أحزاب وقانون انتخابات ونظام مالي وزيارات مكوكية لمقرات الاحزاب وتحرك نشط وملحوظ لوزارته في اكثر من مناسبة.
والسؤال الذي يطرح نفسه عند الحديث عن مستقبل برامج التنمية المنشودة كيف لنا أن نقيم أو نرى نتائج عمل برنامج وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية او غيرها من وزارات التنمية، دونما إعطاء الوزير الفرصة والمهلة الكافيتين للإنتهاء من إعداد وتنفيذ برنامج عمله؟
أتمنى من صناع القرار لدينا ممن يملكون صلاحيات التغير والتعديل أن يراعوا مستقبل وزارات التنمية باستثنائها مؤقتاً من التعديل لحين انتهائها من تنفيذ برنامج عملها وخطتها التي اعلنت عنه منعاً للهدم ومنعاً للهدر في الوقت والمال، وللتقدم ولو بخطوات بطيئة نحو هدف التنمية المنشودة.
فلا يُعقل مطلقاً أن تبقى وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية بدون استراتيجية واضحة ومعلنة طوال هذه الفترة الماضية، وبات جل حديثها ونشاطها منصباً حول قانوني الأحزاب والانتخاب.
(السبيل 2014-10-26)