حملات تطهير في العراق

تم نشره الخميس 21st كانون الثّاني / يناير 2010 12:40 صباحاً
حملات تطهير في العراق
طاهر العدوان

تتوالى دروس "الديمقراطية الامريكية" بنسختها العراقية التي تضاف الى سجل النسخة الافغانية غير المشرف. ولو كانت القصة هي تصرفات "اصدقاء الغرب وامريكا" لما القينا اللوم على زعماء العالم الحر. لكنها "ديمقراطيات" تمارس في ظل الجيوش والقواعد الامريكية وحلفائها في حلف الناتو.

العراق, على وشك اجراء انتخابات تشريعية عامة في اذار المقبل, لكن ما تأتي به "ليلى من اخبار العراق" يثير العجب العجاب. فمن قرارات لجنة المساءلة المكلفة بـ (اجتثاث) البعثيين, التي اصدرت (فرماناتها) باقصاء المئات من المرشحين وعلى رأسهم السياسي المعروف صالح المطلك. الى قرار يدهش الجميع صدر في مدينة النجف يطالب البعثيين بمغادرة المدينة فورا والا فالعقاب شديد.

في السبعينيات كتب عبدالرحمن منيف روايته الشهيرة "شرق المتوسط" التي تحدث فيها عن سجون هذه المنطقة (الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود). ولو كان منيف حيّاً, وهو الذي عاش جانباً من حياته في بغداد, لكتب الجزء الثاني من شرق المتوسط, وهنا لن يحتاج الروائي الى الخيال ليكتب فصلاً جديداً من القمع والاستبداد. لكنه سيجد امامه روايات موثقة بالصوت والصورة, "عن زنازين" شرق المتوسط من ابو غريب سيئ الصيت في كل الدنيا, الى الزنازين الثقافية والايديولوجية والسياسية التي باتت جزءا من معالم هذا الشرق التعيس.

مثلما يطرد المستوطنون وقوات الاحتلال سكان الشيخ جراح في القدس المحتلة من منازلهم, هناك من يُطرد من مدينته وبلده تحت اتهامات تتعلق بتاريخه السياسي. وتخيلوا وضع الالاف ممن كانوا بعثيين في النجف, وهم يتلقون الانذار بالطرد مع اسرهم واطفالهم. أليس ذلك حملة تطهير تحت ضوء شمس الديمقراطية الامريكية وعهد اوباما المستنير!!

لن تكون هناك ديمقراطية في العراق, ما دامت شوارع واحياء عمان ودمشق وصنعاء وابو ظبي ومدن اوروبية عديدة تكتظ بملايين المهجرين العراقيين, الذين اجبروا على الرحيل عن وطنهم تحت وقع المذابح وحملات التطهير والجثث المكتشفة مع طلوع النهار. لو كان هناك امن واستقرار يسمح باجراء انتخابات حرّة ونزيهة لما بقي مهجر عراقي واحد خارج وطنه. فليس كالعراقيين احد في حب وطنهم.

واخبار "الديمقراطية الامريكية" بنسختها العراقية لا تتوقف. لقد تم بصمت من دون اعلان تسليم السلطات الامنية عشرات الالاف من المعتقلين السياسيين من قبل القوات الامريكية التي كانت تشرف على هذه المعتقلات. ولم اقابل عراقيا واحدا لا يشعر بالقلق على مصير اقارب واصدقاء له من هذا القرار بعد ان توالى اكتشاف قصص التعذيب في معتقلات السلطة هناك.

على اي حال, يقف العراق اليوم على مفترق طرق آخر. فالانتخابات المقبلة ستقرر صورة البلد في السنوات الاربع المقبلة, التي سيكون نصفها من دون قوات امريكية كبيرة (بعد انسحابها المقرر في نهاية 2011). فاما سنكون امام عراق مستيقظ من غرفة العناية المركزة, او اننا سنكون امام عهد آخر من مليشيات طائفية, وايرانية, وقاعدية, وغير ذلك من صور الحياة الانسانية المظلمة في شرق المتوسط الذي اصبح من معالمه القمع والاستبداد والتفنن في ايقاظ الفتن.

taher.odwan@alarabalyawm.net



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات