البيان السلفي واهمية التوقيت

تم نشره الأحد 24 كانون الثّاني / يناير 2010 12:52 مساءً
البيان السلفي واهمية التوقيت
محمود ابراهيم الحويان

هو الحق ، الذي لا يختلف عليه اثنان من العقلاء ، فالحق احق ان يتبع ، والحكمة ضالة المؤمن ، اينما وجدها التقطها ، وان الصمت عن الحق في موقع الكلام ظلم ، كما ان الفتوى ، التي اصبحت موضة من لا مرجعية له ، يتبعها ويصدّقها الكثير من العامة ، الذين تحركهم العواطف ، وتلعب بعقولهم الكلمات.

ولم يحدث لدين من الاديان السماوية ، ان جاءت الاساءة له من ابنائه والمؤمنين به ، كما حدث للدين الاسلامي الحنيف ، خاصة في العقدين الاخيرين من الزمن ، اللذين شهدا تحولات في طريقة طرح الخطاب الديني ، حتى وصلت حد اباحة قتل الروح ، التي حرّم الله الا بالحق.

كما ان الكثير من المفاهيم تغيرت ، خاصة التي يمكن ان تلبس ثوب الدين ، او يتم تنفيذها بثوب الاسلام ، وما حصل خلال الحرب على السوفييت ، في مرحلة سابقة ، عندما كانت الشيوعية تجثم على صدر افغانستان.

في تلك الفترة ، تطوع البعض من العرب ، وغير العرب ، ومن دول مختلفة ، للحرب مع الافغان ضد السوفييت ، ومن عاد منهم الى بلاده ، كان يستقبل استقبال العائدين من ميادين النصر ، فيتم الاحتفال بهم ، بل وتكريمهم ، وقد حصل ذلك في بعض الدول العربية والاسلامية.

بالطبع كان كل ذلك يتم بدعم ومباركة من الولايات المتحدة الاميريكية ، سواء بالمال او الدعم اللوجستي ، لكن وما ان انتهت الحرب الباردة ، وخرج السوفييت من هناك ، حتى تم توجيه البوصلة ، الى هدف اخر .

ظهر ما يسمى بتنظيم القاعدة ، الذي تغلغل في اكثر من منطقة ، فخرجت ما تسمى بالقاعدة في بلاد الرافدين ، واخرى لدول الشام ، واخرى للمغرب العربي ، وهكذا ، حتى ان المراقب للاحداث ، وهو يرى اذرعها الممتدة بهذه الصورة ، يتساءل ، ترى من ورائها ومن يغذيها ويوجهها؟.

احداث الحادي عشر من سبتمبر الفين وواحد ، وانهيار البرجين في نيويورك ، وضعا القاعدة ، كعدوة اولى لامريكا ، بعد اتهامها بانها الفاعلة والمنفذة والمخططة ، وبدأت عملية مطاردتها في مغاير تورا بورا وقندهار وغيرها.

اما اسامه بن لادن ، فكان يخرج في كل مرة ، على شاشات التلفزيون ، يحذر ويتوعد ، ويصر على الانتقام من اعداء الاسلام ، وكان يكيل التهم للاغلبية من العرب ، وكانهم هم الذين يطاردونه هناك.

الحركات الدينية من اغلب المذاهب ، كانت تركن للمراقبة عن بعد ، ولا تريد ان تقحم نفسها في المعركة ، لاسباب كثيرة ، ربما بعضها اصولي ، او مصلحي ، او عدم الرغبة بالتصادم مع الحكومات ، او بسب عدم الانسجام ، والاقتناع بطريقة الاداء ، والتعاطي مع الاحداث.

لجأ بعضها الى اظهار كراهيته للولايات المتحدة ، وهو يرى ازدواجية المعايير ، في التعاطي مع القضية الفلسطينية ، وهذا الدعم الموصول والقوي لاسرائيل ، حتى وهي تقصف وتدمر القرى الفلسطينية ، وخاصة ما جرى في العام الماضي في قطاع غزة.

ما يهمّنا هنا في الاردن الرسمي ، انه كان مضطرا للجنوح لاتفاقية السلام مع اسرائيل ، ولم يدر الاردن ظهره للعرب ، كما يدعي البعض ، ويعتبرونه عذرا لهم اوحجة واهية ، بل ان الفلسطينيين سبقوه الى اوسلو ، ووقعوا اتفاقيتهم.

وبرغم وجود تلك الاتفاقية ، الا انها لم تخلق أي دفء في العلاقات مع الكيان الاسرائيلي ، بل تحمّل الاردن الكثير من التبعات ، واصر على القيام بدوره الريادي ، سواء ما يتعلق بالاقصى وبيت المقدس والدور الهاشمي هناك. او ما يتعلق بدعم الاخوة الفلسطينيين ، بكل الوسائل خاصة في غزة ، حيث يتواصل الدعم بجميع اشكاله ، الى يومنا هذا ، ولم يخل تصريح للملك عبدالله ، او خطاب لا يذكر فيه القضية الفلسطينية ، وضرورة دعمها بكل الامكانات رغم التحديات.

اقول ذلك ، لان البعض من المغالين في رأيهم ، اتهموا الاردن بالارتماء في احضان امريكا ، وهذا اجحاف كبير ، فالاردن ظلم كثيرا ، وتحمل وحيدا ، وقاوم المشروع في كل الاوقات وحيدا ولا يزال.

ولم يكن تنظيم القاعدة ، وهو يستهدف الاردن اكثر من مرة ، ويعترف انه وراء تفجيرات عمان ، ومحاولات اخرى فشل بعضها ، ولم ينجح البعض مصيبا ، او على حق ، لان الاردن بلد عربي ، وشعبه مسلم ، واستغرب لماذا لم توجه تلك الضربات الى اسرائيل؟ ومصالح امريكا ، في الكثير من الدول ، على سبيل المثال.

ثم من هي الدول ، التي لا تقيم علاقات وطيدة مع امريكا؟ فالمصلحة العليا للبلاد ، أي بلاد ، تقتضي مثل تلك المعاهدات ، علما بان عمان ، من اكثر العواصم العربية التي تقدم النصح لواشنطن ، بل واكثرها نقدا لسياساتها ، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

اليوم جاء الرد الحاسم الحازم ، والمبني على الدين والعقل والمنطق ، والمرتكز على ما احلّ الله ورسوله وحرّما ، حيث اصدر مركز الامام الالباني في عمان ، بيانه على لسان ثلة خيّرة من علمائه ، الذين نكنّ لهم الاحترام والتقدير ، ذلك البيان الجامع المحدد والواضح .

بنود البيان واضحة لا تحتمل أي لبس ، فالقتل بدون ذنب محرّم ، والتكفير لا يجوز ، وايذاء الذميين غير المسلمين في ديار العرب والمسلمين خط احمر ، واعتداء على شريعة الله ، لانهم مسالمون لا يحملون السلاح في وجه ابناء الامة.

الاعمال الانتحارية حرام ، ففيها ازهاق لارواح بريئة ، وقتل للانفس التي حرم الله الا بالحق ، كما ان التفجيرات الارهابية بانواعها ، والتي تأتي على غفلة ، لارهاب الناس ، محرمة بالقطع ، فاحسنت الحركة السلفية خيرا في بيانها.

بل ان المركز اضاف امرا في غاية الاهمية ، وهو الاشارة الى ان المظاهرات والمسيرات في الشوارع ، انما هي بدع محدثة ، وباب من ابواب الفتن والشرور والفوضى ، واضعاف لسلطان ولي الامر.

ان الحكومة بكافة اجهزتها ، وخاصة وسائل الاعلام ، مطالبة ان تلتقط هذا البيان ، وتركز عليه كثيرا ، وتستشهد به ، فهو صادر عن علماء متفقهون في الدين ، ام الائمة والخطباء في مساجدنا ، فعليهم واجب التذكير بقيمة الامن الاجتماعي والسلم ، خاصة في خطب الجمعة ، التي يحضرها نفر كبير من الناس ، وان يذكـّروا بهذا البيان وغيره ، وبذلك نعرّي القاعدة وارهابها ، ونضعها في حجر الزاوية.

انني وانا اقرأ البيان ، المرتكز على الكتاب والسنة ، ومصلحة المجتمع ، فاني اشكر العلماء الاجلاء الذين صاغوه ، واخرجوه للناس بهذه الطريقة ، وفي هذا التوقيت الهام والحساس ، ولو ان لي عتب بسيط عليهم ، بانه جاء متأخرا ، فقد انتظرناه طويلا ، ولكن وكما يقول المثل ، ان تأتي متأخرا ، خير من ان لا تأتي.



HOYANM@YAHOO.COM

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات