ثوابت اردنية بمواجهة الهذيان الاسرائيلي
الحديث الشامل للملك عبدالله الثاني الى السي ان ان, الذي ينتظر ان تُنشر تفاصيله الكاملة في الاسبوع المقبل يضع حدا لتخرصات اسرائيلية, صدرت خلال الاشهر الماضية حول دور مزعوم للاردن في حل ينتظر القضية الفلسطينية, مثل ارسال قوات امنية اردنية الى الضفة الغربية, في اطار دويلة فلسطينية مؤلفة من كانتونات ترتبط بالمملكة.
مثل هذه الصيغ من الحلول التي هي اوهام لا تستند الى حقائق ووقائع, يعتقد الاسرائيليون انهم من خلال نشرها بين وقت وآخر سَيَذُرّون الرماد في عيون المجتمع الدولي. فبينما هم يرفضون اي حل يؤدي الى قيام دولة فلسطينية تستند الى الشرعية الدولية, يحرصون ان يُظهروا انفسهم بانهم لا ينامون الليل بحثا عن حل يؤدي الى سلامهم المزعوم, ويذهب خيالهم المريض الى الاعتقاد بان الاردن لقمة سائغة رهن اشارتهم وان بالامكان حمل انقاض القضية الفلسطينية وركامها الى الاردن, وكأنه وطن بلا شعب, طالما ان مزاعمهم بان »فلسطين وطن بلا شعب« قد انتجت لهم بالفعل دولة وكيانا. لكن الى حين!
مهما يكن, فان تأكيد الملك من جديد على الثوابت بمواجهة الحلول الصهيونية المشبوهة تظل له اهميته في احباط حالة الهذيان الصهيوني حول امكانية تصدير الحلول واقامة سلام خارج ساحة القضية الفلسطينية, كما ان تأكيدات جلالته لا تقل اهمية عند الرأي العام الاردني والفلسطيني والعربي, الذي يقع بين حين واخر ضحية الرواية الاسرائيلية المضللة.
نتعرض في الاعلام, كصحافيين اردنيين لتساؤلات من قبل مواطنين وعرب وفلسطينيين وغيرهم حول ما يُنشر في الصحافة الاسرائيلية من تحليلات تستند الى مزاعم بانها معلومات موثوقة, تتحدث بان كل شيء يسير على ما يرام لتصفية القضية الفلسطينية, باشراف امريكي ودولي, ونستمع الى سيناريوهات مركزها الحديث عن دور اردني في الضفة الغربية من اجل ايجاد مخرج لتجاوز الرفض الاسرائيلي اقامة دولة فلسطينية مستقلة.
يمثل حديث الملك ل¯ سي ان ان, بداية اخرى ضرورية لبذل جهد سياسي ودبلوماسي واعلامي من قبل الدولة والحكومة لرصد الاخبار الاسرائيلية التي تتناول هذه الرواية ودحضها باستمرار, ونأمل ان نسمع كلاما رسميا قاسيا من وزير الخارجية او رئيس الوزراء في الرد على مثل هذه الاضاليل الاسرائيلية عندما تصدر لانها تمس الدور الاردني, وطنيا وقوميا.
كما ان خطورة المرحلة, التي تشهد فشلا كاملا في العملية الفلسطينية - الاسرائيلية, تتطلب نشاطا اردنيا على مختلف المستويات لوضع اسس مواجهة رسمية ووطنية للاثار التي تترتب على رفض اسرائيل مشروع اقامة دولة فلسطينية, واذا كان جلالته قد وضع الاسرائيليين امام خيارين 1- حل الدولتين 2- حل الدولة الواحدة. فان السياسة الاردنية (الداخلية والخارجية) يُفْتَرض ان تتكيف لمواجهة اي انحراف في هذين الخيارين قد يهدد امن واستقرار وهوية الاردن.
فَحَلّ الدولتين, إن بُني على قيام دولة كانتونات فلسطينية فانه لن يكون حلا, وسيكون عملا عدائيا مكشوفا ضد الاردن, وحل الدولة الواحدة اذا كان حسب طروحات نتنياهو في كتابه »مكان تحت الشمس« التي تتماهى مع مواقف اركان حكومته الحالية, فانه يعني اقامة اسرائيل, من النهر الى البحر, مع اعتبار الفلسطينيين أقلية قومية بادارة مدنية, وهذا يطرح سؤالا: الى أي دولة ستنتمي هذه الأقلية والى أي شعب خارج فلسطين?. فطروحات نتنياهو المعروفة تعتبر ايضا عملا عدائيا مكشوفا ضد الاردن.0