تفاهمات اردنية امريكية على حدود الاصلاح
تقاطرت على المملكة في الاسابيع الاخيرة عدة وفود امريكية تمثل وزارة الخارجية ومؤسسات مانحة في اطار مراجعة دورية لمسار الاصلاحات في الاردن, وفي العادة يكون لنتائج هذه العملية تأثير مباشر على المساعدات الاضافية التي يسعى الاردن للحصول عليها من الولايات المتحدة لتمويل برامج تنموية.
ومن بين المؤسسات التي زار ممثلوها عمان صندوق الالفية الذي يقدم مساعدات للدول خارج نطاق المنح المخصصة سنويا من الادارة الامريكية ويربط الصندوق المساعدة بمدى التقدم الذي يحققه اي بلد في المجالات المتعلقة بحقوق المرأة والطفل والبيئة التشريعية.
ومن ابرز الشخصيات التي زارت البلاد مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية التي عقدت اجتماعا غير مسبوق مع ممثلين لوسائل اعلام ومواقع الكترونية واكدت في اللقاء دعمها لحرية المواقع الالكترونية لكنها ابدت معارضتها لمبدأ فرض الاصلاحات على الدول من الخارج واكدت دعم الادارة الامريكية لبرامج الاصلاح النابعة من الداخل والمتوافقة مع مصالح كل بلد وخصوصياته.
اللقاءات التي جرت بين المسؤولين الامريكيين والاردنيين اتسمت بالصراحة والوضوح, المطلب الذي شكل قاسما مشتركا للمبعوثين الامريكان كان تعديل قانون الانتخاب على نحو يتيح تمثيلا كاملا للاردنيين من اصل فلسطيني, والى جانب ذلك طرح اكثر من مسؤول امريكي ملف الاردنيات المتزوجات من غير الاردنيين ودعوا الى منح ابنائهن وازواجهن الجنسية الاردنية وذلك في اطار الحديث عن المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء. كما تناولت المناقشات ضرورة تحسين مستوى مشاركة المرأة في صناعة القرار والتمثيل النيابي. واكد المسؤولون الاردنيون للوفود الزائرة ان النية تتجه لزيادة الكوتا النسائية في البرلمان بحيث تصبح 12 مقعدا بدلا من ستة.
دار نقاش طويل على تلك المواضيع وشرح وزراء في الحكومة باسهاب للجانب الامريكي المحاذير المترتبة على تغيير معادلة التمثيل الديمغرافي في البرلمان والموانع القانونية والسياسية التي تجعل من هكذا تغيير خطرا على هوية الدولة الاردنية وعلى حق الفلسطينيين في العودة والتعويض واوضحوا التداعيات المترتبة على هذا الاجراء قبل التوصل الى اتفاق سلام شامل ونهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
الجهود التي بذلها المسؤولون لشرح وجهة النظر الاردنية اثمرت تفهما امريكيا غير مسبوق لتلك المحاذير والاعتبارات ووجد الجانب الاردني دعما من طرف السفير الامريكي في عمان ستيفن بيكروفت والذي توصل بحكم معايشته الواقع الاردني الى قناعة مغايرة واكثر واقعية من تلك القائمة عن بعد عند المسؤولين في واشنطن.
في المحصلة خرج المسؤولون الموفدون الى الاردن بان البديل الواقعي والممكن هو القيام بخطوات تدريجية للاصلاح خاصة فيما يتعلق بقانون الانتخاب وتجنب القفزات السريعة لان نتائجها ستكون وخيمة على الاردن ووحدته الداخلية.
الحكومة ستكون خلال الفترة المقبلة متحررة من الضغوط الخارجية ويمكنها ان تمضي في خطط تطوير قانون الانتخاب بما يتوافق والمصلحة الوطنية الاردنية وحاجات الاصلاح السياسي والحزبي. لكن ما نخشاه ان يسعى البعض الى استغلال ذلك لابقاء الوضع على حاله وكأن التغيير المطلوب هو المفروض من الخارج وليس الذي تفرضه الحاجات الداخلية.0