صعود وهبوط من سنة لأخرى
بقدر ما كانت سنة 2009 مظلومة من حيث أن مؤشراتها الاقتصادية كانت تنسب إلى مؤشرات سنة 2008، وهي سنة الازدهار والنمو المتسارع، فتبدو ضعيفة، بقدر ما ستكون سنة 2010 محظوظة لأن مؤشراتها سوف تنسب إلى مؤشرات سنة 2009، وهي سنة الأزمة والركود النسبي، فتبدو جيدة بالمقارنة.
النمو الاقتصادي في 2009 بنسبة 5ر2% يبدو محزناً بالمقارنة مع 9ر7% في السنة السابقة، ولكن النمو في سنة 2010 بنسبة 4% مثلاً سيبدو خطوة إلى الأمام بالمقارنة مع 5ر2% في السنة الماضية.
وأي عجز في الموازنة العامة لسنة 2010 سيبدو كانجاز كبير بالمقارنة مع العجز الفادح الذي تحقق في موازنة السنة الماضية.
ومع ذلك فإن هناك مؤشرات معينة لسنة 2010 ستبدو ضعيفة بالمقارنة مع مؤشرات السنة السابقة مثل: التضخم بنسبة 4% الذي سيبدو كبيراً بالمقارنة مع تضخم سالب بمعدل 3ر0% في السنة السابقة. كذلك فإن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، الذي وصل إلى 7ر10 مليار دولار في نهاية 2009، بارتفاع يناهز 40% لا يمكن تكراره في السنة الحالية، وسيكون إنجازاً للاقتصاد الوطني إذا حافظ هذا الاحتياطي على مستواه الراهن في نهاية 2010.
بنفس المعنى فإن أسعار المحروقات في السنة الجديدة مرشحة لأن تكون أعلى مما كانت عليه في السنة الماضية، وبذلك سوف ترتفع كلفة البترول المستورد مع كل النتائج المنتظرة. مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، وتكاليف الإنتاج، ومستوى الأسعار، وعجز الميزان التجاري وما يعنيه من عجز الحساب الجاري والضغط على ميزان المدفوعات.
بعبارة أخرى فإن المؤشرات الاقتصادية لسنة 2010 الراهنة لن تكون استمراراً لمؤشرات سنة 2009، فهناك ظروف متغيرة وأحوال مختلطة قد تحتاج لسياسات مختلفة تتناسب مع المتغيرات، تماماً كما لم تكن سنة 2009 امتداداً لسنة 2008.
كانت سنة 2008 سنة ازدهار ونمو عال، وكانت سنة 2009 سنة أزمة وتباطؤ اقتصادي، أما سنة 2010 فستكون سنة انتقالية ذات نتائج ومؤشرات مختلطة بالاتجاهين الإيجابي والسلبي، مما يجعل مراقبة ومتابعة ما يحدث وما لا يحدث على الصعيدين المالي والاقتصادي عملاً ممتعاً للمحللين بقدر ما هو صعب على المسؤولين.