جامعة آل البيت : الحزم واجب!!
أرجو من رئيس جامعة( آل البيت ) أن لا يتراجع عن قرارات الفصل التي صدرت بحق الطلبة الذين تورطوا في أعمال العنف و التكسير واطلاق النار داخل الجامعة، كما اتمنى أن ينال الآخرون الذين شاركوا في المشاجرة من غير الطلبة (عقابهم) المناسب أمام قضائنا العادل.
أعرف ، بالطبع، أن مثل هذه الاجراءات الرادعة، على قسوتها، لن تحل مشكلة العنف في جامعاتنا من جذورها، لأن المشكلة أعمق من ان يتحمل مسؤوليتها هؤلاء الطلبة الضحايا فقط، ولكن لابد أن نبدأ على الأقل بإيصال رسالة (حازمة) لكل من يفكر في التجاوز على هيبة الجامعة و تعليماتها ويتسبب في تدمير وتخريب ما بنيناه بأموالنا وعرقنا ، لأننا إن لم نفعل ذلك ، سنبعث برسالة أخرى مفادها أن الأخطاء ستمر بلا محاسبة، وأن كل واحد يستطيع أن يأخذ حقه بيده، وأن الجامعة التي يفترض أن تكون حرما للعلم
والمعرفة والأخلاق هي ( دار) حرب و صراعات وطوشات ، كما أن من يتورط فيها أشخاص فوق القانون، يمكن أن يخرجوا من ( المشكلة) بزيارة وجيه أو بفنجان قهوة.
حين تأسست جامعة آل البيت كنا نعتقد بأنها ستكون ( منارة) لنشر ثقافة التنوع، ليس فقط في سياق محيطها وبيئتها الداخلية، وإنما أيضا في سياق عالمنا العربي والاسلامي الذي تتعدد مدارسه الفقهية ومذاهبه وطوائفه، لكننا - بعد سنوات قليلة- أدركنا أن الحلم كان كبيرا، وأن كل ما يمكن أن ننجزه هو الحفاظ على ( أخلاقيات) رسالة الجامعة داخل اسوارها على الأقل، ومن الأسف أننا نخشى أن نكتشف بعد ماشهدناه يوم الخميس الماضي بأننا فشلنا حتى في تحقيق هذه المهمة.
نعرف - بالطبع- لماذا حدث ذلك، وكيف تحولت الجامعة إلى ( دائرة) للتوظيف والتعيين بمنطق الترضية، واختزلت في ( محافظة) واحدة، وواجهت مثل غيرها من الجامعات ( أخطاء) إدارية أوصلتها الى حافة العجز، المالي
والعلمي أحيانا، لكن ما يهمنا -الآن- هو أن نتجاوز هذه ( المحنة) وأن نخرج من ( عباءة) البيئة التي كبلتها بالقيود و الشروط، واعتقد أن هذا ممكن وضروري أيضا، خاصة وأن رئيسها الجديد -وأنا لا اعرفه- رجل أكاديمي وإداري لديه من الشجاعة ما يكفي أيضا لمواجهة ( الرياح) التي تهب عليه من كل اتجاه، ورفض المحاولات التي تستقصد إفشاله قبل أن يبدأ خطواته الاولى.
لكن لابد أن تدرك رئاسة الجامعة أن قرارات ( الفصل) التي صدرت بحق الطلبة ليست الحل الوحيد، ولا الأفضل ايضا، وبالتالي فإن عليها أن تبدأ من
(الصفر) بإجراءات إدارية وتعليمية لتعديل مسار الجامعة، سواء على صعيد العلاقة بين الرئاسة و الأساتذة الأكاديميين، أو بينها وبين الطلبة والمجتمع المحلي أيضا، أو على صعيد تعزيز مبدأ (الانتماء) للجامعة وتنوع خيارات القبول و التعييين فيها، و إطلاق طاقات الكفاءات التي يمكن أن تساهم في تحسين أدائها، وقبل ذلك لابد من إعادة الجامعة إلى ( رسالتها) الاولى بما تعبر عنه كلمة ( آل البيت) من دلالات أخلاقية و علمية ومن رسائل يفترض أن يفهمها ويلتزم بها الجميع.
لقد سمعت من بعض زملائنا الاساتذة في الجامعة ان الشهور الماضية شهدت تحولات إيجابية في الأدوار و المزاج العام داخل الجامعة، واخشى ما أخشاه أن تكون ( المشاجرة) التي حدثت قبل أيام بمثابة ردّ على مثل هذه التحولات لإفشالها، ولهذا اعتقد أن رسالة الحزم تتقدم على رسالة العفو و الرحمة ، فهذه الأخيرة يمكن أن نجربها بعد أن تبدأ الجامعة بشق طريقها نحو العنوان الصحيح...هذا الذي افتقدته - للأسف - منذ سنوات ومن واجب إدارتها الجديدة أن تعيدها إليه.
(الدستور 2014-12-06)