خطوة كبيرة للقضاء الإداري في الأردن
عب القضاء الإداري في الأردن دورا مهما في حماية حقوق المواطنين وحرياتهم.
ومرّ القضاء الإداري في الأردن بعدة مراحل أهمها النص في دستور 1952 على إنشاء محكمة عدل عليا، وقامت محكمة التمييز بهذه الوظيفة حتى صدور أول قانون منفصل لمحكمة العدل العليا (قانون مؤقت رقم 11 لسنة 1989) ثم صدور قانون محكمة العدل العليا رقم 12 لسنة 1992، وأخيرا صدور قانون القضاء الإداري رقم 27 لسنة 2014 المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 5297 بتاريخ 17/8/2014 صفحة 4866 تطبيقا للتعديل الدستوري بإنشاء قضاء إداري على درجتين (المادة 100 من الدستور).
وتمثل رقابة القضاءالإداري على القرار الإداري جانبا مهما من جوانب الرقابة القضائية على المشروعية، ومقتضاها أن يبحث القاضي في مدى مشروعية الدوافع الموضوعية التي دعت الإدارة لإصدار قرارها ومدى التزامها بالإجراءات التي ينص عليها القانون.
وهنا يبرز دور القضاء الإداري في إقامة التوازن الدقيق بين الحفاظ على المصلحة العامة وحماية الحقوق والحريات الفردية.
ولا يتسع المقال لايراد أمثلة عن قرارات القضاء الإداري في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة لكن يبقى أشهرها قرار العدل العليا بعدم دستورية قانون المطبوعات المؤقت رقم 27 لسنة 1997 الذي صدر قبل يوم من صدور العدد الأول من صحيفة "العرب اليوم" بتاريخ 17/5/1997 (قرار الهيئة العامة لمحكمة العدل العليا رقم 226/1997 صدر بتاريخ 18/1/ 1998 ونشر بمجلة نقابة المحامين، العددان الأول والثاني، كانون الثاني وشباط 1998 ص 389).
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﻮﺍهد ﺍﻟﻤﻀﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ (ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ عدﻝ ﻋﻠﻴﺎ) ﻣﺎ قرﺭﺗﻪ بعدﻡ ﺩﺳتوﺭﻳﺔ نص ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 20 ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ (ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﻠﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤكوﻣﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎمس ﻣﻦ ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ لدﻯ ﻧشوﺏ ﺣﺮﺏ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻋﺎﻡ 1967( والتي كانت ﺗﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺤكمة ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟطعون ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ، ﻓﻘﺮﺭﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺁنذﺍﻙ (ﻗﺮﺍﺭ ﻫﻴﺌﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺭﻗﻢ 44 ﻟﺴﻨﺔ 1967) ﺃﻥ ﺍﻟنص ﻻ ﻳُﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﺇﻻ عندﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﻟدفاﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ. ﻭﻣﻊ ﺃﻥ تلك ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺻﺪﺭﺕ ﻣﻊ ﺑدءﺀ ﺣﺮﺏ ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ﻭﻛﺎﻥ ﻳُﻘصد ﺑﻬﺎ ﺍلدفاﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺗمت ﺇساءة ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻋديدة ﻟﻠﻔتك ﺑﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺘﻢ ﺃخذ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﻓﺼﻞ ﺍﻟﻤﻮظفين ﻣﻦ ﺍﻹﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤكوﻣﻴﺔ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﺸﻚ ﺑﻬﻢ ﺑناء ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﻣﻐﻔﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻻسم، ﻭﻛﺎﻥ يدﻋﻲ ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ ﺃﻧﻪ "ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺻﺎﻟﺢ" ﻛﻤﺎ ﻛﺎنت ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺗلك ﺍﻷﻳﺎﻡ. ﻭتم ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺗلك ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﻓﺼﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﺳﺎتذﺓ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺘﻴﻦ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﺮﻣﻮﻙ. ﻛﻤﺎ تم ﻣﻨﻊ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟقطاﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺗعطيل ﺍﻟﺼحف ﻭﻣﻨﻊ ﺍﻟﺼحاﻔﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺣﻞ ﺍﻟﻤنظماﺕ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍطنين (ﻛﺎﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﻧﺎﺩﻱ ﺍﺳﺮﺓ ﺍﻟﻘلم ﺑﺎﻟﺰﺭقاء)، ﻭﺣﻮّلت ﺗلك ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ بوﻟﻴﺴﻴﺔ بعد ﺃﻥ تم ﺍﻻﻋتداء ﻋﻠﻰ مبدﺃ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻭﻏﻞّ يد ﺍﻟﻘضاء.
ومن اصعب الأمور على المحامين والمحكمة أيضا كشف تعسف الإدارة أو إساءة استعمال السلطة الممنوحة لها، ذلك أن القرار الإداري يصدر على قرينة الصحة وأنه يستهدف المصلحة العامة وحسن سير المرفق الإداري، لكن كثيرا ما تصدت محكمة العدل العليا سابقا والمحكمة الإدارية حديثا إلى كشف هذا الانحراف، ففي قرار حديث للمحكمة الإدارية قالت إن "تنسيب وزير المالية/ ضريبة الدخل بإحالة المستدعي على التقاعد بعد أسبوع من كسبه قضية ضد الوزارة أمام محكمة العدل العليا فإن التقارب الزمني والتتابع في الإجراءات يعد قرينة على الانحراف".
والقضاء الإداري تاريخيا هو قضاء إبداعي أي يبتدع الحلول لمشاكل الإدارة وتعقيداتها ويوازن بين المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام وحقوق الأفراد.
العرب اليوم 2014-12-07