المالكي في ضيافة حزب الله!

تم نشره الثلاثاء 09 كانون الأوّل / ديسمبر 2014 02:06 صباحاً
المالكي في ضيافة حزب الله!
عيسى الشعيبي

قبل نحو عشرة أيام، حطّت في مطار بيروت طائرة خاصة، على متنها رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، وكان في استقباله عدد من قادة حزب الله، فيما غاب عن مراسم الاستقبال أي مسؤول في الحكومة اللبنانية، رغم أن الضيف يتمتع بمنصب نائب رئيس للجمهورية، الأمر الذي زاد من علامات الاستفهام المتعلقة بهذه الزيارة التي لم يعلن عنها مسبقاً، ولم يفصح أحد عن أهدافها، باستثناء أنباء صحفية كانت قد تحدثت عن توقيف الأمن اللبناني لنجل المالكي، بتهمة حيازة مبلغ نقدي يقدر بـ 1500 مليون دولار.
سنضرب صفحاً عن نبأ تهمة غسل الأموال، التي لم يؤكدها مصدر رسمي لبناني، لنعيد طرح علامات الاستفهام حول الضيف والمضيفين، ونعيد تركيز الضوء على هذه الزيارة، التي أتت كمحطة ثانية لرئيس الحكومة العراقية السابق، بعد الزيارة الأولى التي قام بها إلى طهران إثر خلعه، حيث جرى له هناك استقبال رسمي، والتقاه المرشد الأعلى، وسط حفاوة وتقريظ شديدين لعهد المالكي، الذي فتح أبواب العراق لنفوذ آيات الله، وجعل بلد الرشيد حديقة خلفية لهم.
لم يعلن الكثير عن وقائع هذه الزيارة، ولا عن محطاتها، أو حتى عن وقت انتهائها، باستثناء فقرة واحدة تضمنت جولة للمالكي في جنوب لبنان، عرّج فيها على معرض لمخلفات عسكرية تركها الاحتلال الاسرائيلي وراءه في الحرب الأخيرة، حيث كان في استقبال الضيف ممثل الأمين العام لحزب الله، الذي سار معه على السجادة الحمراء، وسط عزف موسيقى أدته كشافة الإمام المهدي، وتلاه كلام متبادل عن الحرب ضد "داعش" وعن صمود سورية امام المؤامرة الكونية، وعن العراق الذي سيكون مقبرة للقاعدة وأخواتها.
إلا أن السؤال الذي لم تجب عنه كل الوقائع المتاحة عن هذه الزيارة، ظل ينصبّ على المبررات التي حدت بحزب الله لاستضافة شخصية سياسية مكروهة من جانب الأكثرية العراقية الكاثرة، ومعزولة في الإقليم، ومنبوذة من مختلف دول العالم، الذي اجتمعت عواصمه النافذة على ضرورة طي صفحة الرجل الذي وفر، بنهجه الطائفي ودكتاتوريته الفردية، وفساده المنهجي، البيئة الاجتماعية الحاضنة لأعنف ظاهرة تطرف، ليس في العراق وحده، وإنما أيضاً في سائر أنحاء العالم.
إذ ليس في سجل القادم من بغداد مأثرة واحدة، أو لديه ميزة إيجابية وحيدة، يمكن لها أن تسوغ لحزب الله الاحتفاء بضيف يشكّل مجرد اللقاء به عبئاً معنوياً وأخلاقياً ثقيلاً على أي من مستضيفيه، فما بالك إذا كان "المعزّب" مقاوماً لا يشق له غبار حتى الأمس القريب، أي قبل أن ينخرط في الحرب ضد الشعب السوري، ويمضى في تبديد رصيد كبير كان قد رفع مكانته عالياً، خصوصاً أن هذا الحزب ظل رغم كل الانتقادات القاسية له، يتمسك بصورته السابقة، ويدافع عن مسوغات انحراف بوصلته، تارة بالدفاع عن محور المقاومة، وطوراً بالدفاع عن القضية الفلسطينية؟
ولا أحسب أن قيادة حزب الله المجربة، كانت غافلة عن مخازي ضيفها، أو غير مدركة لتبعات ظله الثقيل عليها، وعلى بقية مناصريها، كما لم يفتها مغزى امتناع سائر المرجعيات الرسمية اللبنانية، عن أخذ صورة مشتركة مع الضيف، الذي كان قد قال ذات مرة، إن الصراع في العراق هو بين أحفاد الحسين وأحفاد معاوية، فما الذي دهى الحزب القائم مقام الدولة، لاستقبال المالكي بكل هذه الحفاوة، وتكريمه في "المتحف الجهادي" على هذا النحو الذي يليق فقط بالمقاتلين من أجل الحرية وقادة حركة التحرير؟
ولعل عدم استقبال السيد حسن نصرالله، على نحو علني، للرجل الذي يسوّد الوجه، هو الإشارة الوحيدة عن تحسس حزب الله وحرجه من مضاعفات أخذ صورة مشتركة مع من يثير احتضانه جملة من مشاعر الاستهجان والامتعاض لدى أوساط لبنانية وعربية واسعة، لا تود أن ترى مزيداً من التشظي في صورة الحزب الذي كان، قبل أن يوغل في دماء السوريين، معقد رجاء، وذلك الى ان اندفع بارادته، أو تم دفعه من جانب الولي الفقيه، كي يصبح رأس حربة مذهبية، أدى استلالها في دمشق والقصير إلى خلق معادلها المكافئ على الضفة الأخرى.

الغد 2014-12-09



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات