إغلاق «الجزيرة مباشر مصر»
هل هناك علاقة بين إغلاق فضائية "الجزيرة مباشر مصر" والهجوم الإلكتروني على شركة سوني التي انتجت فيلما عن زعيم كوريا الشمالية التي اعتبرته الأخيرة مسيئا لزعيمها، وانقطاع بث الانترنت في كوريا لعدة ساعات فيما يبدو أنه هجوم أميركي معاكس ؟
للوهلة الأولى prima facie كما يقال في القانون لا توجد علاقة، لكن بتفكير متعمق نجد أن الأحداث السابقة وانخفاض أسعار النفط إلى النصف ربما تكون مؤشرات على صراعات المستقبل، وأن الإعلام ما زال سلاحا قويا في العلاقات الدولية.
والإعلام الموجه لعب دورا مهما في الحروب والصراعات في المنطقة العربية وابتدأ تاريخيا في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث كانت هناك إذاعة موجهة لموسيليني ايطاليا تبث بالعربية.
وعام 1938 بدأت إذاعة الشرق الأدنى البريطانية تبث من قبرص ومع العدوان الثلاثي (البريطاني الإسرائيلي الفرنسي) على مصر عام 1956 أضرب الموظفون العرب في الإذاعة فجرى إغلاقها، لكن فيما بعد بدأت البي بي سي توجه بثها للمنطقة.
وفي نفس العام بدأت المانيا تبث برامج بالعربية قدّم بعضها رشيد عالي الكيلاني الذي أصبح رئيسا لوزراء العراق فيما بعد، ومفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني.
وفي العام التالي بدأت فرنسا والاتحاد السوفييتي بالبث الإذاعي الموجه بالعربية.
أما أميركا فبدأت بثها الموجه من سفينة في البحر المتوسط ومن اليونان.
ويمثل إغلاق فضائية "الجزيرة مباشر مصر" نجاحا للضغوط على قطر، لكنه يحمل أيضا في طياته اعترافا بقوة الردع لشبكة الجزيرة نفسها، ولا أحد يضمن في المستقبل عدم عودتها أو حتى إنشاء قنوات مثيلة عندما يتم استهداف دول أخرى.
واذا كانت هناك مآخذ على عدم موضوعية "الجزيرة" أو كونها أداة تحريض على كراهية انظمة سياسية بعينها فذلك ينطبق على معظم الفضائيات العربية بدرجات متفاوتة. وان كانت "الجزيرة" و"العربية"، باعتبارهما أكبر محطتين فضائيتين من ناحية كعكة المشاهدين العرب، فإنهما تسيران بالتوازي كخط قطار في المسألة السورية، لكنهما اختلفتا في المسألة المصرية. وكلاهما تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة في الدول العربية بشرط واحد بسيط وهو عدم التطرق إلى ما يحدث في الدول الخليجية نفسها، أي تماما مثل شركات "الأفشور" في المناطق الحرة، مركزها في دولة ما، لكن نشاطها خارج تلك الدولة، تصنع ما تريد وتصدِّر بضاعتها للأسواق الخارجية لكن ممنوع دخول منتجاتها لدولة المقرّ.
العرب اليوم 2014-12-25