الطيار الأردني معاذ الكساسبة
لقد صدم الشعب الأردني بخبر إسقاط الطائرة الأردنية ووقوع الطيار الحربي معاذ الكساسبة في أسر تنظيم داعش، وكان يوماً حزيناً على كل الأردنيين، وهم جميعاً يتمنون السلامة للنسر الأردني، ويرجون الله عز وجل أن يعيده إلى أهله ووطنه سالماً معافى.ي
هذا الحدث يتطلب من الشعب الأردني بكل مكوناته وشرائحه، وبكل قواه الحزبية والسياسية، على الصعيد الرسمي والشعبي أن يصنع موقفاً وطنياً واحداً، متضامناً ومتكافلاً مع الجيش الأردني وخلف قواته المسلحة، من أجل حفظ الأردن وأمنه، وحماية الأردنيين وتأمين سلامتهم، بكل ما يملكون من قوة وقدرة وطاقة في كل اتجاه وعلى جميع الأصعدة وفي كل المجالات الحيوية.
القيادة السياسية معنية بتهيئة كل الظروف والإمكانات الكافية لتحقيق الوحدة الوطنية الصلبة المطلوبة، من أجل خدمة الهدف الأتي بتخليص الطيار الأردني من الأسر، والأردن يملك أوراق قوة عديدة لا يستهان بها، ويملك علاقات جيدة مع أطراف كثيرة على المستوى الإقليمي والعالمي، والمطلوب الآن امتلاك القدرة على توظيف أوراق القوة المتوافرة لديه بذكاء ودهاء وحنكة سياسية، ومن خلال خطة عملية مدروسة جيداً.
الظروف الصعبة التي تحيط بالأردن وهذا الحدث العسكري المهم، يتطلب من جميع الأطراف الوطنية أن تعمل وفقاً لرؤية شاملة، وخطة عمل وطنية مدروسة، بحيث تكون جميع القوى الوطنية تنطلق من رؤية موحدة، وفلسفة عمل مشتركة وأرضية وطنية صلبة، ومنطلقات متناسقة، ترتكز على تفكير علمي، ودراسات علمية، وتبتعد عن العاطفة والتهييج والشتم والصراخ، وإطلاق التهديد والوعيد، الذي لا يخدم الهدف، ولا ينمّي عن تعامل موضوعي سليم مع الحدث.
نحن نعلم ونقدر تماماً مقدار الألم الذي يعتري قلب والدة الأسير الطيار معاذ، ووالده وأهله وذويه، والعائلة الأردنية الواحدة، ولكن الاصل والقول الفصل ضرورة التدقيق بكل لفظة وبكل تصرف يصدر عن مذيع أو رجل إعلام، أو كلمة يكتبها صحفي أو كاتب أو مفكر، أو سياسي أو دبلوماسي.
نحن بحاجة دائماً، وخاصة في الظروف الحرجة، إلى مبادرة أهل الاختصاص واصحاب المسؤولية نحو الشروع في وضع معالم الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع الحدث، من خلال وضع تصور كامل يتضمن الرؤية والرسالة والوسائل والطرق المقترحة للتعامل مع الحدث بعيداً عن الارتجال والعشوائية، وبعيداً عن منطق الفزعات والهبات وردات الفعل التي يبدو عليها التناقض والتفرق والانفعال والغضب، دون حسابات دقيقة لما يترتب على ذلك من آثار سلبية وأضرار كبيرة تصيب الجهود المبذولة في الخفاء بمقتل.
هذا الحدث، يدل على تصاعد المنحنى في سخونة الأحداث في معركة قد تطول، وقد تتطور إلى آفاق مستقبلية غير متوقعة ومسارات ذات أبعاد خطرة، خاصة في ظل المعلومة التي تقول بأن الطائرة الأردنية سقطت بصاروخ حراري، مما يقتضي التفكير بعمق بدلالات هذا الخبر وأبعاد هذه المعلومة، والتأشير على حقيقة الأطراف الداخلة في المعركة، فهنالك رائحة خطورة ملحوظة.
ما نحتاج إليه جميعاً ان نغادر المربعات التقليدية القديمة في التعامل مع المستجدات، وأن ننتقل إلى مربعات جديدة، تظهر فيها معالم الرؤية المدروسة والتخطيط الشامل التي تجعل من جميع المواطنين شركاء في المسؤولية،وتتوزع فيها الادوار.
الدستور 2014-12-26