"التوجيهي" بحاجة ماسة للتطوير
تبدأ اليوم امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" والتي يشارك فيها 161309 طلاب. وجرت العادة، أن تدخل هذه الامتحانات المصيرية الطلبة وأهاليهم في حالة من الخوف والانتظار والترقب والأعصاب المشدودة. وقد أدخلت الامتحانات البلد في نفس الحالة التي يعيشها الأهل، جراء ما شهدته الامتحانات في السنوات السابقة، ليس من ضمنها السنة الأخيرة، من خروقات وتجاوزات وحالات غشّ وغيرها من المحاولات التي كانت تسعى إلى تغيير امتحان "التوجيهي" من امتحان عادل لقياس قدرات وإمكانات الطلبة العلمية، إلى امتحان غير عادل، يحصل فيه طلبة على علامات ومعدلات لا يستحقونها، ولكنهم حصلوا عليها جراء الخروقات التي قاموا بها هم أنفسهم، أو بمساعدة أهاليهم وبعض الأصدقاء والأقرباء وغيرهم.
وقد تنبهت الدولة إلى خطورة التجاوزات على العملية التعليمية بالمجمل، وعلى الامتحان وعلى الطلبة وعلى مستقبل الأجيال، فتقرر اتخاذ إجراءات مشددة في كافة أنحاء المملكة، لوقف التجاوزات والمخالفات، أو الحد منها على أقل تقدير، مع وعود بإجراء تعديلات على الامتحان حتى يصبح مقياسا عادلا لقدرات الطلبة العلمية، ومؤهلا لهم لدخول التخصصات الجامعية التي تتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم. وقد نجحت الجهات المعنية في الامتحان السابق بالحد إلى درجة كبيرة من التجاوزات والمخالفات، وكانت إجراءاتها بشكل عام محل إشادة، مع أن البعض انتقدها.
وفي هذا الامتحان، ووفق ما ذكر وأعلن من وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية الأخرى، تم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع التجاوزات، بالإضافة إلى تشديد العقوبات بحق من يغامر ويقرر التجاوز والمخالفة. ولذلك، فإن من الأهمية بمكان أن تواصل الجهات المختصة إجراءاتها وتطورها لضمان أن تسير الامتحانات بكافة أيامها بشكل حسن، وأن لا تتساهل بالإجراءات ولا بالعقوبات، مهما كانت الضغوطات ونوعيتها، فأي تهاون، سيؤدي إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق. كما يجب عليها، وبخط مواز، أن تسعى إلى تطوير الامتحان، وتطوير العملية التعليمية بالكامل، بحيث تتلاءم مع التطورات العلمية والمجتمعية وحاجات الدولة.
مهمة تطوير العملية التعليمية وامتحان "التوجيهي" غير قابلة للاستبدال أو التباطؤ، فنحن نشهد تطورات في المجتمع وفي المستويات العلمية والتعليمية تتطلب أن تواكبها العملية التعليمية والتربوية في الأردن. وقد تعودنا أن تتحدث الجهات المختصة عن ضرورة القيام بهذه المهمة (تطوير العملية التعليمية بالكامل)، ولكنها لا تتخذ خطوات عملية على هذه الطريق. فتكتفي، للأسف، بالدراسات والمؤتمرات والندوات، وتتوقف بعد ذلك. ونتيجة لهذه التجربة، نتمنى أن تكون الجهات المختصة هذه المرة جادة، وأن لا تتلكأ لأي سبب من الأسباب.
(الغد 2014-12-27)