.. الولادة العسيرة لقانون الضريبة وتبقى ولادة الموازنة
بقيت ايدي غير خفية «تمطّ» في النقاش لقانون ضريبة الدخل، بحيث ينتهي عام 2014 دون الانتهاء منه، فلا يبدأ القانون عام 2015، وإنما نهاية عام 2016 وهكذا يختل مشروع موازنة عام 2015 الذي يشهد النقاش فيه عملية «مط» أخرى مع ان الحكومة فرغت منه في حزيران الماضي.. وما نزال نخطب.
والغريب اننا حين نقف مع مجلس الأعيان أمام قانون الضريبة، ونتابع اهتمامه بالتعامل مع القانون على انه «مصلحة الدولة» ويمكن تمريره في يوم واحد، فان هناك من يتهم الحكومة بأنها تراعي التزاماتها الدولية على حساب التزاماتها الاردنية.. وكان الخيار هو ارضاء البنك الدولي، او ارضاء الاردنيين، مع انه كان هناك وقت من حزيران حتى الآن لوضع قانون مدروس يمكن ان نتعايش معه لسنوات قادمة دون تعديلات.
هناك من يعتقد أن «مطّ» النقاش هو حالة مقبولة ديمقراطياً. قد يكون ذلك.. لكن هناك حالات أكثر قبولاً.. منها طرح بدائل يقبلها الرأي العام. ومنها بدائل تؤمن للموازنة المرهقة 250 مليون دينار ومنها شيء معروف في كل برلمانات ومجالس العالم اسمها.. الحلول الوسط.
لقد بلغ «الذكاء» في الأسبوع الأخير من «خطابات» قانون الضريبة، طرح بعض السادة النواب مبدأ إعادة النقاش في بعض المواد التي صوت عليها المجلس، بحيث ينتهي العام «فتخسر»الحكومة مبلغ 250 مليون دينار، من ضرائب عام 2015، وهذه أنماط من العمل البرلماني المعطل.. ويشبه الى حد بعيد التهديد بالاستقالة اذا مرّ مشروع المفاعل النووي، أو اتفاقية الغاز الاسرائيلي. أو قناة البحرين.. وهي قضايا مستقبلية اساسية. لانها تتعلق بالطاقة ومياه الشرب، واذا غيّرنا في الأردن بين الخطابات الملتهبة وقضايا مصيرية فمن المؤكد ان الاردنيين سيختارون الاصلح والاهم.
لقد استمعنا منذ ايام من يتهم الحكومة بانها تفتح الحدود، وتترك آلاف الناس القادمين من سوريا «لنهب» فرص العمل القليلة، والمياه الشحيحة، ومدننا التي تضاعف سكانها. والغريب ان الذي يوزع الاتهام هو نفسه «لاجئ». وان عليه ان يكون عربياً، وان يكون بلده الاردن كريماً وصاحب قلب كبير.
إن حالة الهياج، والاتهامية، وتبخيس الناس، تلبست بلدنا بحيث لم نعد نصدق: هل نحن في الاردن ذاته الذي نعرفه؟. وهل هذه الحالة هي حصتنا من «الربيع العربي»، وهي الحصة الأخف من حصص الجيران والاشقاء في سوريا والعراق ومصر وليبيا.. و.. و؟.
قد يكون ذلك. وقد يجوز أن نشكر الله على النعمة بأن ربيعنا ليس دموياً، ولا تدميرياً، ولا يهجر الملايين من بيوتهم. لكن هذا الهياج والاتهامية وتبخيس الناس لا تليق بوطن محترم.
الرأي 2014-12-31