حالنا وحال بابل
من كتاب محمد الجزائري (ميثولوجيا الشعر، القاتل والضحية) نعيد نشر مقتطفات من الألواح والقصائد التي تتحدث عن إله الشر الوثني القديم، الذي اجتاح الشرق وبلاد الرافدين وكأن هذه الألواح والقصائد تتحدث عما يجري هذه الأيام على يد إله الشر الجديد، الجماعات الإرهابية التكفيرية.
في القصيدة المذكورة يقرر (إيرا) اجتياح الأرض، وبالأخص (بابل) فيفلح، في أن يخدع "مردوخ" (كبير الآلهة) بأن يجعله يترك "تمثاله" – بصورة مؤقتة – إذ يعده، بأن يضطلع عوضا عنه، بحماية العالم، وحماية مدينته (بابل)، وإعادة ما خربه، "الطوفان" إلى سابق عهده، وما أن يترك مردوخ تمثاله (وهو هنا: عرشه، كرسيه، سلطته الدينية والدنيوية) حتى تتعرض (بابل) والمدن الكبيرة المجاورة للسلب والنهب، وهكذا فإن ابتعاد (مردوخ) عن سلطته يعرض للخطر توازن الكون كله، الذي تتراخى فيه، إذ ذاك الشرائع الكونية جميعها، وتهتز أي أن الحضارة تدمر! كذلك في المصائب التي يختبرها سكان بابل، حيث تتجلى في أنواع الجنون والآلام البشرية كلها، والتحسر على الماضي أما نهاية القصيدة فهي مثالية إذ تذكر بالعظمة العتيدة لبابل حينما ستخمد قوى الشر في العالم وفي القلوب!
لنستمع إلى مردوخ، بعد خراب بابل، وهو ينوح كالثكلى:
"وا أسفاه، يا بابل، التي مثل نخلة، كنت قد أنضجت منتوجها والتي أيبسها الريح
وا أسفاه، يا بابل، التي مثل كنوز صنوبر، كنت قد ملأتها حبوبا فلم أجن منها كل ما يرضيني.
وا أسفاه، يا بابل، التي مثل ختم "الميشو" كنت قد وضعتها في عنق الإله آنو.
وا أسفاه يا بابل، التي كنت أمسكها في يدي مثل لوح المصائر
وا أسفاه يا بابل..
وا أسفاه، يا بابل".
كما نلاحظ الحس التدميري العالي والشامل في الأسطر التالية، التي هي المقطع الأخير من اللوح الرابع:
"ليقم البحر ضد البحر
آشوري ضد آشوري، عيلامي ضد عيلامي، كاشي ضد كاشي سوتي ضد سوتي غوتي ضد غوتي.
بلد ضد بلد
بيت ضد بيت رجل ضد رجل وأخ ضد أخ
فيتقاتل الجميع من دون هوادة
أمام هذه المشاهد التدميرية، والهلع الشامل، والموت لا يتوانى (الشاعر) (منظم الأرواح) بأن يدرج في (اللوح الخامس).
الخوف الذي طال الجميع من هذه القوى الشيطانية المدمرة.
وإزاء أي انتصار يحققه العدو، تشير المصادر الى أن "ابنة صهيون" و"بنت أورشليم" تبتهجان لذلك، كما جاء في نص (نبوءات زكريا).
"ابتهجي يا ابنة صهيون
احتفي يا بنت أورشليم
هو ذا ملكك يأتي إليك".
العرب اليوم 2014-12-31