بعد تحقق المتوقع في مجلس الأمن

تم نشره الخميس 01st كانون الثّاني / يناير 2015 01:33 صباحاً
بعد تحقق المتوقع في مجلس الأمن
د.أحمد جميل عزم

ظهرت فكرة الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تعيين موعد لإنهاء الاحتلال، بصورة جدية، أثناء الحرب الأخيرة على غزة. ورغم التشكك، منذ البداية، بجدوى الفكرة، إلا أنها تأطرت تدريجيا، باعتبار أنّه ذهاب يضع بالاعتبار أنّ الفشل مرجح، ولكنه فشل سيمهد لخطوات تالية، هي وقف التنسيق الأمني، ومراجعة دور السلطة الفلسطينية وطبيعة علاقاتها مع الاحتلال. الآن، تحقق الفشل، فماذا سيحدث؟
ما لم يكن في الحسبان هو أن يكون الذهاب إلى مجلس الأمن مع الافتقار للدعم من ناحيتين: العدد الكافي من الدول الأعضاء في المجلس، والافتقار في الوقت ذاته للدعم الشعبي الفلسطيني. فقد أعلنت فصائل فلسطينية أساسية تحفظها على نص مشروع القرار المقدم، واشترك معهم أعضاء قياديون في حركة "فتح".
تركّز الانتباه في المرحلة التالية على ردود الفعل الدولية على القرار، من دون بذل الجهد الكافي لحشد الدعم الشعبي له. وبالتالي، تم الذهاب للمنظمة الدولية من دون تحويل الأمر إلى جزء من استراتيجية وطنية. لقد كان الحديث عن التحرك الدولي جزءا من حوارات الرئيس محمود عباس مع قيادة حركة "حماس" في الدوحة، ولم يكن هناك رفض للفكرة من قبل "حماس"، بل فقط مطالبة بالمشاركة في عملية إدارة الملف. وموقف فصائل منظمة التحرير لن يكون مختلفاً. والمقصود بعملية المشاركة، أن يكون هناك اتفاق على أهداف وسياق الذهاب إلى الأمم المتحدة، وتحضير الميدان لهذا الذهاب، وكذلك الاستعداد لما بعد الذهاب، والذي كان مرجحاً منذ البداية أن تكون نتيجته الفشل. وفي إطار استراتيجية وطنية جامعة، ستكون واضحة ماهية الخطوة التالية، كما أنّ توحد الفلسطينيين كان سيعطي لحراكهم زخما ومصداقية أكبر، وربما كان سيضغط ذلك على حكومات دول امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة.
ما يخافه الفلسطينيون حالياً، هو أن يستمر نهج العمل على ذات الوتيرة؛ بقرارات تتخذها حلقة ضيقة من المسؤولين، وأن يتم الاكتفاء الآن بالانضمام لمنظمات ومحاكم دولية، مع توقع أنّ لا يلي الانضمام شيء عملي، خاصة مع شعور الإسرائيليين في هذا الوقت بأنّهم قادرون على كسب جولة بعد أخرى على صعيد تأجيل المفاوضات، ومنع أي جهد دولي حقيقي لحل المشكلة الفلسطينية. فمثلا، يخشى الفلسطينيون أن لا يلي الانضمام للمحاكم والمنظمات الدولية لجوءٌ إليها، وأن لا تُفعّل العضوية، فتصبح العضويات رصيداً غير مستخدم، وتمضي أشهرا أو سنوات في الحديث عن احتمالية تفعيل هذه العضوية واستخدامها. بينما تبقى الخيارات الأخرى؛ من مقاومة شعبية ووقف التنسيق الأمني، مجرد خيارات نظرية. كما يبقى الحديث عن "قرارات حاسمة"، ستتخذ كرد فعل على المواقف الإسرائيلية والدولية، مجرد تصريحات من دون أي معنى عملي له، تماماً كما حدث في السنوات الأخيرة؛ إذ تنطلق التصريحات عن قرارات تاريخية، لكن لا يحدث شيء فعلي.
ما يأمله الفلسطينيون، بدلا من سيناريو المراوحة في المكان، هو حراك موحد وفق استراتيجية فلسطينية، تجمع القوى السياسية الفاعلة ذات القوة التمثيلية، ووفق خطوات متفق عليها تمثل استراتيجية وطنية شاملة، فيها مواقف تغير المشهد حقاً؛ بدءا من إعادة بناء مؤسسات العمل الفلسطيني، وصولا إلى استراتيجية مقاومة.
ما يجدر الانتباه إليه هو أنّ المناخ الحالي مدمر، وأنّ الاشاعات والتكهنات والتخمينات بشأن دوافع وقرارات وخيارات القيادة الفلسطينية ستتزايد. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يبرز سؤال: لماذا لم يتم الانتظار لحين تغير عضوية مجلس الأمن خلال أيام؟ كما أنّ العلاقات مع الفصائل ومع قطاع غزة، ستعاني المزيد من الصعوبات وانعدام الثقة.
يجدر الانتباه أيضا إلى أنّ حالة الفراغ الحالية لن تنتظر؛ فانتفاضات أهالي القدس المتقطعة هي نموذج لحالة يمكن أن تنتشر في الضفة الغربية، وحتى الأراضي المحتلة العام 1948. إذ إن الشعور بالفراغ، وعدم وجود استراتيجية وطنية، وعدم وجود قيادة للحراك الميداني، يدفع نحو المبادرات المتناثرة هنا وهناك، والتي قد تتدرج نحو تحرك أوسع وشامل، رغم عدم وجود إطار قيادي أو أهداف عملية سياسية واضحة، هذا فضلا عن أزمات متتالية قد تظهر عند الفلسطينيين في الشتات، بدءا من سورية ومخيمات لبنان.

الغد 2015-01-01



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات