السلام الذي بات سرابا

تم نشره الأحد 04 كانون الثّاني / يناير 2015 02:27 صباحاً
السلام الذي بات سرابا
ايمن الصفدي

لا مفاجآت في فشل مشروع قرار مجلس الأمن الدولي المطالب إسرائيل إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية خلال عامين.
وحتى لو حصل مشروع القرار على الأصوات التسعة اللازمة لتبنيه، فالفيتو الأميركي كان بالمرصاد.
السلطة الوطنية الفلسطينية كانت تعرف مصير مشروع القرار. لكن إصرارها على عرضه على مجلس الأمن رغم حتمية فشله حمل رسالة واضحة أنها سئمت الدوران في حلقات مفاوضات السلام المفرغة. المفاوضات المباشرة حرث في الماء. خيار الحرب العسكرية غير وارد. بقي خيار التصعيد الدبلوماسي.
لن ينهي هذا التصعيد الاحتلال. إلا أنه سيعرض إسرائيل إلى ضغوط سياسية وقانونية لم تواجهها من قبل. فبعد فشل جهدها في مجلس الأمن، وقعت السلطة أوراق الانضمام إلى عديد منظمات دولية في مقدمها محكمة الجنايات الدولية.
وهذا يعني إطلاق مواجهة قانونية ستؤرق المسؤولين الإسرائيليين وستعرّض كثيرين منهم، سياسيين وعسكريين، إلى ملاحقات ومساءلات في أروقة المحكمة التي قد تقرر استدعاء أو حتى اعتقال بعضهم للتحقيق بتهم جرائم حرب.
من أجل ذاك كان رد الفعل الإسرائيلي تهديدا ووعيدا للفلسطينيين. وستعمل إسرائيل على إفشال انضمام الفلسطينيين للمحكمة وغيرها من المنظمات الدولية، وستجيّش لتحقيق ذلك كل ما تملك من حلفاء وامكانيات.
وبالإضافة إلى ذلك، ستصعد إسرائيل إجراءاتها ضد الفلسطينيين على أرضهم وستتخذ خطوات انتقامية قاسية ضدهم وضد قيادتهم في رام الله.
لا شك أن القيادة الفلسطينية توقعت ردة الفعل الإسرائيلية. لكن يبدو أنها قاربت ما بين الوضع الراهن وتبعات التحرك دبلوماسيا لإيجاع إسرائيل، ووصلت إلى استنتاج أن أي شيء أفضل من الاستسلام للوضع القائم، الذي تستغله إسرائيل لتغيير الحقائق على الأرض، وقتل فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حل الدولتين.
تبعات هذا التحرك ليست محصورة في الإجراءات العقابية التي ستتخذها إسرائيل. واضح أن الولايات المتحدة أغضبها السعي الفلسطيني اللجوء إلى المنظمات الدولية الشرعية لحماية حقوق الفلسطينيين، أكثر مما يغضبها وأد إسرائيل كل الجهود المستهدفة تحقيق السلام.
فهي لم تكتفِ بالتصويت ضد القرار بل ذهبت أبعد من ذلك للتهديد بقطع المساعدات المالية التي تقدمها للسلطة الفلسطينية. تبرر واشنطن موقفها بالتأكيد على أن المفاوضات المباشرة هي السبيل الوحيد للوصول إلى تسوية. لكنها بهذا الموقف تتجاهل حقيقة أن عشرين عاما من المفاوضات لم تنتج الحل المطلوب، وأن لا شيء يشي بأن إسرائيل ستغير من موقفها الرافض للسلام المحبط لكل جهود تحقيقه.
لم يذهب الفلسطينيون إلى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات إلا بعد أن يئسوا من إمكانية استردادهم لحقوقهم عبر المفاوضات المباشرة التي تنخرط فيها إسرائيل كسبا لوقت أحالت خلاله خيار الدولتين وهما. تعرف الولايات المتحدة ذلك، لكنها تصر على سبر الطريق المسدود ذاته. وفي هذا الموقف سبب مضاف ليأس الفلسطينيين واختيارهم المواجهة على ارتفاع ثمنها.
من المحتمل أن يعيد الفلسطينيون الكرّة في مجلس الأمن. لكن مصير المحاولة المحتملة القادمة لن يكون أفضل. فحتى لو حصل مشروع القرار على الأصوات التسعة المطلوبة في ضوء تغيير تركيبة أعضاء مجلس الأمن وانضمام دول متعاطفة مع الفلسطينيين إليه، ستفشله أميركا باستعمال حق النقض.
المشهد قاتم بكل تفاصيله إذن. وسيكون العام الجديد على الفلسطينيين أصعب من الذي سبقه، وهم يواجهون انتقامية إسرائيل وعقوبات أميركا. أما السلام التفاوضي فبات سرابا لسبب واحد ترفض أميركا أن تراه، وهو أن إسرائيل لا تريد السلام ولن تغير في موقفها طالما استطاعت أن تعتمد على دعم أميركي مطلق.

الغد 2015-01-04



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات