سجون أوروبا

هل تختلف سجون أوروبا عن بقية السجون، وبماذا.. الجواب؛ نعم، ولكن ليس على النحو الذي يذهب اليه بعضهم، وان كان في ذلك مسحة متقدمة على سجون العالم الثالث، نتمنى ان تجد طريقها الى عالمنا.
ما اقصده هو (الدور التاريخي) لسجون اوروبا في تأسيس دول وفصائل ومجاميع على مد النظر، ولم يكن نزلاء هؤلاء السجون الذين جندتهم المخابرات الاطلسية واطلقتهم على شكل (مجاهدين) ضد الشيوعية تارة وفي احتقانات طائفية موتورة اجرامية دموية تارة اخرى، لم يكونوا الموجة الاولى في التاريخ الاجرامي العريق لهذه السجون..
فحيثما اكتشف المستعمرون الراسماليون البيض العنصريون الاوائل قارة او منطقة غنية بالمطاط والحديد والنحاس والذهب، كان نزلاء السجون الاوروبية من المجرمين اداتهم الاساسية في قمع السكان الأصليين، وتجفيف المستنقعات وبناء السكك والطرق والمقالع والمحاجر… الخ
ولهم في ذلك باع طويلة من ايام دول المدن الاغريقية والرومانية، التي اقامت حقبة الرق الطويلة على المجالدين وسجناء الشعوب المغلوبة..
وتظهر تجربة الدولة الامريكية والاسترالية والجزر الملونة التي صارت بيضاء وشقراء على حساب السكان الأصليين، كيف اقيمت هذه التجربة على اكتاف نزلاء السجون الاوروبية الذين كان يجري شحنهم مذهبيا وطائفيا، قبل شحنهم على ظهور البواخر الى المستعمرات الجديدة ..
فقد كانت الشركات الاوروبية التي تشتريهم من مصلحة السجون تخصص لهم (وعاظا) على غرار فقهاء الجماعات التكفيرية، وتلقنهم دروسا ضد الكفار الوثنيين من سكان المستعمرات الأصليين، سواءً في امريكا الشمالية ( الولايات التحدة لاحقا) أو في استراليا وغيرهما.
ومن اوجه الشبه بين نزلاء السجون الاوروبية الذين اشادوا دولا هي اليوم ملء السمع والبصر، وبين نزلاء السجون الاوروبية، من الجماعات التكفيرية التي تتخذ من الاسلام قناعا لها، أن جزءا كبيرا منهم من اصحاب السوابق ومروجي المخدرات قبل أن يدربوا على نحو مبرمج من قبل مبرمجين في الدوائر الأطلسية.
(العرب اليوم 2015-02-08)