معاذ ... ابن الجبال كلّها

تم نشره الأحد 08 شباط / فبراير 2015 02:18 صباحاً
معاذ ... ابن الجبال كلّها
خيري منصور

شأن الكثيرين غيري لم استطع مواصلة المشاهدة للفيلم الداعشي الذي تكثّفت فيه كل مشاهد الرّعب، ومن لم تحجب دموعه المشهد حجب الدّخان الأسود عنه الافق كلّه، فمئات المقنّعين مجهولي الهوية والجنس والآدمية اصطفوا وتحلقوا حول الشهيد الشاب معاذ، ولم يخطر ببالهم ان اباه سمّاه معاذا تيمّنا بمعاذ بن جبل وانه عربي ومسلم وقبل ذلك كله انسان ! ولا يعرف هؤلاء ان أبسط قواعد المنطق هي ان فاقد الشيء لا يعطيه وان الكافر ليس من حقه ان يكفّر الاخرين .
اعترف بأنني للحظة تخيّلت الشهيد محمد ابو خضير الذي احرقه المستوطنون حيّا وهو يتهيّأ لاستقبال اخيه معاذ، ويعدّ له القهوة التي لم يشربها في دار العزاء، كلاهما تحوّل رماده الى عنقاء تحلّق عاليا وأعلى من كل الطائرات وكلاهما اكتشف في سن مبكر ان هناك اعداء تلقّنوا تعاليمهم من جحور الأفاعي وليس من المعابد !
رأيت معاذا وهو يحدّق الى الأعلى ليس بحثا عن طائرته بل مندهشا من ذلك العدد من المقنّعين الذين يتأبطون البنادق لكنهم يخشون شابا أعزل، ولأنهم عميان وبلا خيال لم يدركوا ان هذا الشهيد الشاب سوف يشطر تقاويم وطنه الى ما قبله وما بعده، ففي لحظة واحدة بكت ملايين النساء العربيات وغير العربيات ايضا معاذ، والدمع لا هوية له لأنه افراز انساني نبيل، ورغم انه لم يعد بجسده الا انه تعدد في عودة اخرى من باب لا يراه من ملأ الحقد عيونهم بالقذى والصديد، لقد عاد آلافا مؤلفة من الشباب والكهول والأمهات والآباء بحيث اصبح اسما حركيا لأبناء جيله ووطنه ومن لا يزالون في العالم كلّه على قيد آدمّيتهم!
ما سمعته وقرأته حتى الآن من التحليلات النفسية لمشهد القرن وربما القرون كلّها هو ان الارهابي اشد خوفا من ضحيّته، وان يأسه لاحساسه بالنّبذ هو ما يدفعه الى هذا الانتحار وهو آخر من يعلم، وقد تخلو السماء من طيّار اختار قدره الدفاع عن وطنه، لكن الارض تمتلئ به، لهذا ما من تابوت يتّسع له، فالطائرة تحولت من قبر الى مهد، مثلما تحوّل الرماد الآدمي الى عنقاء تحلّق عاليا ولعلّها كانت تشارك سرب الطائرات الذي مرّ فوق بيته .
انها لحظة لا تقبل التفريط بها فلم يحدث من قبل ان توحّد الناس وتفوّقوا على خلافاتهم كما حدث في وداع معاذ ابن الجبال كلّها !!

(الدستور 2015-02-08)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات