يهود وتكفيريون

أيا كانت حقيقة عبد الله بن سبأ، وترويجه للامام علي والرافضة "شخصية حقيقية او ملفقة"، فماذا عن الوجه الآخر لشخصيات يهودية "حقيقية" لعبت دورا معروفا لا يمكن إنكاره في بلاط وعوالم سلاطين وقادة ومفكرين من "النواصب":-
1. يهود بغداد في بلاط ابو جعفر المنصور، الذي لاحق المعتزلة "فرقة العقل في الاسلام"، وأقام اتصالات سرية مع ملوك اسبانيا ضد اهل الاندلس من الامويين والبربر.
2. يهود الاندلس وخاصة موسى ابن ميمون في بلاط صلاح الدين الايوبي "مستشاره ومربي اولاده"، الذي لاحق المتصوفة، وقتل الشاعر الكبير السهروردي، وسلم معظم الساحل السوري للصليبيين في صلح الرملة.
3. يهود دمشق الذين ترعرع ابن تيمية مؤسس التطرف ومرجعية الوهابية وتياراتها في أكنافهم وبين وراقيهم وكتبهم.
4. يهود القاهرة وعلاقاتهم الوثيقة مع الشيخ رشيد رضا "تلميذ الوهابية كما يقول عن نفسه"، واستاذ حسن البنا كما وصفه الاخير.
5. يهود البصرة واصفهان الذين احتضنوا محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية.
6. يهود الماسون والمحافل السرية ورموزهم التي وجدناها عند جماعات اسلاموية "معاصرة". ولمن لا يعرف عن الرموز الماسونية فمن شعاراتهم: السيفان المتقاطعان "يرفعان عند التعميد قبول المرشح"، وفي مناسبات عديدة اخرى.. وكذلك مراتبهم التنظيمية مثل "المرشد العام، العائلة… الخ"، فضلا عن العداء المشترك للماسون والجماعات الاسلامية للصراع الطبقي واليسار، وعن تحريم وصول النساء الى الموقع الاول "الزعامة او الامامة"، واقتصار دورها على مواقع وحقول محددة…
7. يهود ربيع الاسلام الامريكي، مثل برنار ليفي وبرنار لويس وبيتر اكرمان الذين ظهروا الى جانب قادة الجماعات الاسلامية في ميادين القاهرة وليبيا وسورية والعراق…
وفي كل ذلك يلاحظ جملة من التقاطعات والمقابسات السياسية والايديولوجية بين اليهودية وخطاب النواصب السلطاني والتكفيري على حد سواء:
أولًا، على الصعيد السياسي، كما اظهرت الحالة التاريخية لبلاط صلاح الدين الايوبي واولاده، وتأثير اليهودية الميمونية عليهم، وبالمثل العلاقة التي جمعت الشيخ رضا مع زعماء الوكالة اليهودية والانجليز، واخيرا قصة الجماعات التكفيرية في الجولان والتسهيلات الصهيونية لهم ، وكذلك الدعم الذي تلقته جماعات الاسلام الامريكي النواصبية من برنار ليفي وجورج سوروس وغيرهم..
ثانيا، على الصعيد الايديولوجي والفكري، فكل من يهتم بالحقول المعرفية والفلسفية وخاصة "المنطق" بوسعه مقاربة ذلك من خلال ثنائية الخير والشر، النور والظلام "مقولة مجوسية في الواقع"، ثم مقارنتها مع الثنائية اليهودية، واختلاط الايمان الملتبس بالارادة الفاعلة بالتشبيه والمشبهة مقارنة بمدارس وفرق مثل المعتزلة ومثل التأثيرات "الثلاثية" التموزية على المسيحية والتشيع.
وبهذا المعنى فالمجوسية واليهودية وتأويلات الجماعات التكفيرية تنتمي الى المنطق الثنائي الصوري نفسه سواء كان ارسطيا "المقايسات الارسطية"، او كان غزاليا "اواخر حياته"، وتيميا "ابن تيمية"؛ حيث يرفض كل علاقة بين الاضداد، سواء كانت صورية أو جدلية.
(العرب اليوم 2015-04-29)