طارق عزيز في الفحيص

تم نشره الأحد 07 حزيران / يونيو 2015 02:11 صباحاً
طارق عزيز في الفحيص
اسامة الرنتيسي

الجمعة، في يوم نكسة العرب في 5 حزيران، التي لم تنته منذ 48 عاما، لا بل فرخت نكسات أخر، اختار طارق عزيز ان يغادر الحياة، بعد حياة حافلة بالعمل الدبلوماسي ـــ كان فيها عنوان العراق، وأحد رموزه المثقفين المتحضرين الانسانيين، بعد سجن استمر نحو 12 عامًا، ومحاكمات شاهد العالم بعضها ـــ سياسيًا ودبلوماسيًا، يدافع عن وطنه وشعبه في مواجهة بطش سجانيه، لم تشفع له الثقافة والحضارة كلها التي يحملها على ظهره، وقد تجاوز عمرها خمسة آلاف سنة، أن تفرج عنه لأسباب صحيّة، حيث عانى الكثير في السجون التي نُقِل إليها.

قبل ستة أشهر، وعلى صفحات "العرب اليوم" اتهم نجل وزير خارجية العراق الأسبق السلطات الحكومية بإهمال حالة والده الصحية.

يومها قال زياد طارق عزيز: إن والده لا يستطيع الحركة، ويواجه صعوبة في الكلام، وبدأ يفقد ذاكرته، ولم تعرضه السلطات الحكومية على أي طبيب منذ 2010.

ونفى عزيز الرواية الرسمية بتوفير العناية الصحية لوالده، الذي كان معتقلًا في سجن الكاظمية ببغداد، وقال: إن السلطات الحكومية تخالف قوانين السجون، التي تقضي بتوفير العناية الطبية للمعتقلين، وتتجاهل حالة والده الصحية، مضيفا؛ ان السلطات العراقية تخلت عن واجبها الأخلاقي بتوفير الدواء لوالده، حيث تقوم الأسرة بتأمين 12 نوعًا من الأدوية له شهريا، تقارب تكلفتها 500 دولار.

وحتى تزداد المأساة في الروح أكثر، قال يومها نجل طارق عزيز: ان تصريحات وكيل وزارة العدل العراقية بشأن تأمين طقم أسنان لوالده غير دقيق، وتفتقر للمصداقية، موضحًا أن سلطات الاحتلال الأمريكي وفّرت له طقم أسنان، إلّا أنه لم يستخدمه بسبب التهاب اللثة المزمن.

لم يترك نجل عزيز فرصة إلّا وحث المنظمات الإنسانية والحقوقية إلى زيارة سجن الكاظمية للاطلاع على حقيقة وضع والده الصحي المتدهور، الناجم عن عدم وجود طبيب في السجن وانعدام الرعاية الصحية، حيث كان متوهما ان الشعارات الانسانية التي تتحدث عنها بعض المنظمات والدول هي خط اعمالها الاخلاقي.

حتى يحفظ كرامة والده بعد الوفاة يحاول زياد وأسرته المقيمة في الاردن منذ الاحتلال الاميركي العراق، دَفْن والده في الاردن، لأن زياد يرى أن الأردن مكان آمن لضريح والده، في زمن الربيع العربي، لم يعد هناك أمان للاحياء، فكيف للاموات، ولم يعد هناك أمان لتراث وتاريخ وحضارة عمرها آلاف السنين من جهالة عصابات الارهاب التي تعيث فسادا في نصف العراق، وثلاثة ارباع سورية.

أجمل ما في الروح الأردنية أن كثيرين من أهالي الفحيص، ومنذ لحظة الاعلان عن محاولة دفن عزيز في الاردن، قد رحّبوا وهلّلوا بالفكرة، وقالوا: إن مدينتهم الفحيص تتشرف باحتضان جثمان طارق عزيز.

لكن لا بد ان يستمع الجميع الى لغة العقل، ولا يتم اتخاذ قرار بلحظة عاطفية، فأية بقعة في الاردن تتشرف باحتضان جثمان رمز قومي كبير من وزن طارق عزيز، لكن ليس من مصلحة تاريخ عزيز ومسيرته ان يتم التعامل الآن مع جثمانه بهُويته الدينية فقط.

ليترك تحديد مكان دفن جثمان عزيز لأسرته، فهو الان مُلكهم بعد ان امضى عمره مُلكا لامته.

(العرب اليوم 2015-06-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات