الدروز يرفضون دروزستان

قبل إحدى عشرة سنة حاولت جهات معروفة بينها واشنطن وباريس وتل أبيب عقد مؤتمر للدروز في عاصمة عربية، بمشاركة شخصيات درزية من (الحزب التقدمي الاشتراكي) الذي يتزعمه وليد جنبلاط في لبنان ومن سورية وفلسطين المحتلة والأردن، وكذلك دول المهجر وفعاليات ثقافية منها مطرب درزي تقدمي معروف، كان الهدف إقامة (فدرالية) درزية أشبه ما تكون بالمؤتمر الدائم لمعاينة ومتابعة (مصير الدروز) في ضوء التطورات المتلاحقة.
وقد جوبه المؤتمر برفض غالبية الدروز في كل مكان، وتأكيدهم عروبتهم وارتباط مصيرهم بمصير الأمة وحركة التحرر الوطني والقومي التقدمي فيها.
وكما انعقد المؤتمر المذكور في سياق المشروع الإسرائيلي – الأمريكي للشرق الأوسط الجديد، الفوضى الهدامة، وتحطيم الدول، وإقامة كيانات طائفية (مشروع رالف بترز)، من الاستخبارات الأمريكية، فإن مناخات عام 2008 وتداعياتها أعادت طرح الفكرة مجددا، وظهرت على الخرائط الإسرائيلية كيانات مثل دروزستان وسينائستان، في سياق تحطيم الدولة السورية وتفكيكها وفصل سيناء عن مصر عن طريق إقامة إمارة إسلامية فيها مقدمة لتوسيع قطاع غزة تصفية للقضية الفلسطينية عبر توسيع الإمارة المذكورة.
وقد ترافق ذلك بتوتر كبير ومفاجئ في العلاقة الأمريكية مع كل من سورية ومصر برغم العلاقة القوية لمبارك مع تل أبيب والإدارة الأمريكية.
وحسب مجلة (المجلة) الصادرة في لندن بتاريخ 1 /3 /2008، فقد كتب على غلافها الخارجي العنوان التالي:
- شرق أوسط جديد.. إسرائيل الثابت الوحيد.
- دروزستان وسينائستان دولتان على الأجندة.
وأظهر التقرير الداخلي المنسوب لباحث إسرائيلي (جيفري جولد بيرج) أن المشروع يعود لعام 1996 الذي دعا لتحطيم وتفكيك الشرق العربي خاصة العراق وسورية وتجهيز معارضين لهذه الغاية.
أيضا؛ وكما سقطت استهدافات المؤتمر الأول، سقط السيناريو الثاني على أيدي الدروز أنفسهم، وفوتوا الفرصة مبكرا على ما كان يعد لهم بعد اندلاع الأزمة السورية ولم تجد الدعوات التي صدرت من (المختارة) في الشوف أي أصداء لا في السويداء ولا في جرمانا ولا في المهجر.
وإضافة للوطنيين الدروز عموما فقد لعبت الذاكرة الدرزية الوطنية دورا مهما في تحصين الوجدان الشعبي (الدرزي) ضد كل السيناريوهات المذكورة، ولا سيما ما مثلته الزعامة التاريخية لهم (البيت) الأرسلاني في لبنان وزعامة الأطرش في سورية فقد تصدى الأمير شكيب أرسلان مبكرا للوصاية البريطانية على الدروز وأهل السنة مقابل الوصاية الفرنسية على الموارنة، والوهابية الأمريكية على البروتسنت. كما تصدى (سلطان الأطرش) للاحتلال الفرنسي وشكل مع إبراهيم هنانو (السني) وصالح العلي (العلوي) مثلثا مقاوما أحبط المشروع الفرنسي لتقسيم سورية إلى ثلاث كيانات طائفية وصمم لها علما طائفيا هو العلم الذي ترفضه بعض أوساط المعارضة السورية حاليا (العلم الذي تتوسطه ثلاث نجمات حمراء ترمز للكيانات الثلاث الطائفية). ومما يبعث على التساؤل لماذا تهتم (المختارة) في الشوف اللبناني بعلم (سوري) من تصميم الاستعمار الفرنسي.
(العرب اليوم 2015-06-14)