"الأردن- درعا" و"العائدون"

تم نشره الإثنين 07 أيلول / سبتمبر 2015 12:52 صباحاً
"الأردن- درعا" و"العائدون"
محمد أبو رمان

بين يدي تقريران مهمان صدرا قبل فترة وجيزة، يتعلقان بسورية. لكنّهما في الوقت نفسه -لنا في الأردن- على درجة كبيرة من الأهمية.

التقرير الأول صدر عن "مجموعة الأزمات الدولية" (بحدود 38 صفحة) بعنوان "نحو مقاربة جديدة في جنوب سورية". وربما أغلب ما احتواه ليس أمراً جديداً على الصعيد المعلوماتي والتحليلي، وتحديداً فيما يتعلّق بصعود "الجبهة الجنوبية" في جنوب سورية، بدعم أردني-أميركي، ومقارنة هذه المقاربة الناجحة في ضبط الأمور والحدود بما حدث في الشمال؛ من تضارب في الأجندات الإقليمية والدولية، أدى إلى صعود "داعش" و"النصرة" والجماعات الأخرى.

لكن الجديد في التقرير أنّه يدعو الإدارة الأميركية إلى تغيير في مقاربتها تجاه جنوب سورية، بما يؤدي إلى إجراءات أو ضمانات لمنع القصف الجوي فوق المناطق التي تسيطر عليها "الجبهة الجنوبية"، ويحول دون أي عمل انتقامي من قبل النظام السوري أو الإيرانيين ضد السكان المحليين، أولاً، وتمكين السكان من إقامة حكم مدني يقدم الخدمات الأساسية ويشجع على الحياة الاقتصادية اليومية.

هذا الإجراء سيسمح بهجرة معاكسة تماماً من الأردن إلى جنوب سورية، ويعطي رسائل مهمة ونوعية، في أكثر من اتجاه. لكن الأهم في كل ذلك أنّه يقدم "نموذجاً" مهماً لكيفية هزيمة التيارات المتشددة، بما قد ينعكس على مناطق أخرى ويعزز التوجهات المعتدلة.

أمّا التقرير الثاني فهو للباحث الأميركي تشارلز ليستر (صدر عن مركز "بروكينغز") بعنوان "المقاتلون الأجانب العائدون: تجريمهم أم إعادة دمجهم؟". وبالرغم من أنّ التقرير متخصص بالمقاربات الأوروبية في التعامل مع المقاتلين العائدين، إلاّ أنّه مهم جداً لنا في الأردن، لإعادة النظر والتفكير في الطريقة الحالية التي نتعامل بها مع العائدين من ساحات القتال أو المتهمين بالترويج للجماعات والمجموعات المتطرفة، بخاصة أنّه وفقاً للإحصاءات فإنّ الأردن يعدّ المصدِّر الثالث الأعلى للمقاتلين في سورية والعراق (بعد تونس والسعودية).

في المجمل، يميز ليستر بين أسلوبين متبعين في التعامل مع المقاتلين العائدين من الخارج؛ الأول هو الأسلوب الأمني العقابي البحت، والثاني هو المقاربة الليبرالية التي تقوم على فرضية إمكانية دمج العائدين اجتماعياً، ضمن شروط ومحددات معينة.

يتحدث التقرير عن تجارب نوعية في التعامل مع العائدين؛ التجربة الدنماركية، والتجربة الألمانية (أطلق عليها حياة)، والتجربة البلجيكية. ففي هذه الحالات تمّ الجمع بين المقاربة الأمنية العقابية والمقاربة الليبرالية الاندماجية، ونجحت المقاربة الثانية بفعالية.

في وقت سابق، كتبت مقالات متعددة عن هذه "المعضلة" الأردنية، ونحن نتحدث عن قرابة 200 شخص، وهناك آلاف آخرون في الأردن محسوبون على تيار متعاطف مع "داعش" و"النصرة"، منهم مئات يحاكمون بتهمة الدعم والترويج لهذه الجماعات. وطالبت في تلك المقالات بإيجاد "نقطة خروج" (Exit Point) لهؤلاء الشباب، والتفكير في برامج موازية فعّالة بديلة عن السجن الطويل والعقوبة والاعتقال والتجريم، ما يؤدي بهم إلى "التطرف المؤبد".

لكن تقرير ليستر متوافر، وأدعو المسؤولين والسياسيين المعنيين لقراءته، لأنّه يتناول تجارب ويعرض نظريات وآراء متخصصة مهمة.

المقاربة الليبرالية تقوم على إدراك ووعي بأهمية التمييز بين "الحالات الفردية"، والتعامل معها وفق كل حالة، بما يقتضي وجود مؤسسة أو فريق متخصص، يقوم بمقابلة الأشخاص المقاتلين العائدين وتحديد الأسلوب الأفضل في التعامل معهم، ومراقبتهم بعد ذلك. لكن ما لفت انتباهي أكثر في هذه القراءات أنّ السياسيين الغربيين متفهمون لوجود دوافع متعددة ومختلفة لمن يذهبون إلى سورية والعراق، وإلى خطأ الحكم عليهم بالتجريم المطلق!

(الغد 2015-09-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات