عن السِلَعْ .. «الاستفزازية»!

تم نشره الأربعاء 14 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:47 صباحاً
عن السِلَعْ .. «الاستفزازية»!
محمد خروب

لفتني في جريدة «المصري اليوم» القاهرية، خبر «طريف» وإن كان احتل موقعاً بارزاً على الصفحة الأولى من الصحيفة التي كانت احدى أشهر وأنجح الصحف المستقلة وأكثرها إثارة لغضب نظام حسني مبارك، وجماعة الاخوان المسلمين – قبل وبعد ثورة 25 يناير - إلى أن وقعت أخيراً تحت ضغط الأزمة الخانقة بل المميتة التي تعصف بالصحف الورقية، ويرشح انها في طريقها إلى التصفية والاختفاء بعد ان بدأت بعملية تسريح واسعة في صفوف العاملين فيها من محررين وإداريين وعمّال.

ويقال أيضاً إن حال صحيفة «الشروق» لا تختلف كثيراً عن حال «المصري اليوم» والتي سبقتهما صحف يومية وأخرى أسبوعية أخرى مثل جريدة «الوطن» وغيرها.. وهذا بالطبع جزء من أزمة عامة تفرض نفسها على صحف عربية عديدة في الشرق العربي، كما في مغربه , اللهم إلاّ اولئك الذين يتوفرون على مظلة من الأموال تكفيهم للبقاء في «الساحة» مهما كانت الخسائر وعلت الرواتب والمكافآت وتصاعدت «الكُلَف» , لأن الدور المنوط بها هو سياسي وإعلامي أو قُلّ تضليلي ولا يسعى للربح أو يخطر على بال أصحابه التفكير بخفض التكاليف أو التقشف.

ما علينا..

خبر «المصري اليوم» يقول أن مصادر بوزارة التجارة والصناعة كشفت عن إعداد الحكومة المصرية قائمة تضم (150) مُنتجاً مُستورداً مُدرجاً تحت بند «السِلَعْ الاستفزازية» بهدف الحدّ من استيرادها، في محاولة لمواجهة تراجع احتياطي النقد الأجنبي، ولأن خبراً «عمومياً» كهذا يستوجب التفاصيل والإضاءة على «أسماء» هذه السلع، فإن الصحيفة أوردت «أبرز» هذه السلع المقرّر ادراجها ضمن القائمة, فإذا بها (المُكَسِرات) بجميع أنواعها وطعام الحيوانات الأليفة والتفاح والمنتجات البحرية «مرتفعة الثمن» التي لا تستهلكها الأُسر المتوسطة أو الأقل دخلاً.

هنا.. شعرت شخصياً بالاستفزاز، ليس لأن واحدة من تلك السلع التي سيتم زيادة الرسوم الجمركية عليها، تهمني وبالتالي استدعت تحسُسي لجيوبي أو المسارعة إلى الآلة الحاسبة، للتعرّف إلى الزيادة التي تتطلب مني اضافتها إلى مصروف العائلة الشهري كون الزيادة على الرسوم الجمركية ستكون في حدود 10-20%، بل لأن الخبر انطوى على تسخيف لعقل القارئ، مصريّاً كان أم عربياً، أو حتى مُستعرِباً.. وكأن الذين أعدّوا القائمة (ولا يقتصر الأمر بالطبع على الموظفين المصريين) بل ثمة أمثالهم بالآلاف في عالم عربي يخضع لمزيد من الجباية ورفع الضرائب والرسوم الجمركية وكل أنواع الرسوم والإضافات وما تتفتق عنه عبقرية الباحثين على رفد خزائن الدول بمزيد من الأموال , حتى لو ازدادت نسبة الذين (يسقطون) إلى ما دون «خط» الفقر المُدقع، أو أولئك الذين يُضافون سنوياً إلى قائمة العاطلين عن العمل، واليائسين الذين تتعمّق لديهم مشاعر الاغتراب عن مجتمعاتهم وبالتالي يسهل أن يقعوا في شِباك المتطرفين والتكفيريين والظلاميين من الإسلاميين أو الدواعش أو القاعديين وأشباههم.

ثم..

وكأن هؤلاء الذين يبذلون كل جهودهم من أجل استرضاء سادتهم، والبقاء على هوامشهم ونيل رضاهم، رغم انهم من الطبقة الأكثر انسحاقاً وفقراً في المجتمع، لا يعرفون أن السلع الاستفزازية أكبر وأكثر عدداً من أن تكون كسلعة مثل التفاح او طعام الحيوانات الأليفة والمنتجات البحرية (مرتفعة الثمن).. وكأنهم لا يرون السيارات الفخمة التي «تعج» بها شوارع المدن ولا العقارات المهولة الارتفاع والهندسة التكنولوجية»المستوردة» ولا «المزارع» العائلية الاقرب الى المنتجعات والمقاهي والمطاعم الفخمة ولا محلات الملابس ذات الماركات المشهورة حيث يصعب التكهن بثمن فستان سواريه لديها أو بدلة إيطالية ذات قماش من صنف «الاستبرق» أو غيره، دون اهمال الأحذية التي ترفع «رأسمال» من ينتعلها او ضمن رحلات الشوبنغ وعشاءات الباربكيو وتكلفة الجاهات وولائم الأعراس وبذخ العطور وبرك السباحة وغيرها مما لم يرزقنا المولى نعمة السماع بها أو القراءة عنها، ولا اقتنائها ولا المشاركة فيها.

.. لغة مُتهتكة معروفة ومصطلحات مُستهلكة وتبريرات عاجزة، لكن الأكثر إثارة (واستفزازاً) هو ذلك الحرص الحكومي العربي على عدم المساس بنصوص الاتفاقيات الدولية «المُقدسة» وخصوصاً بنود «منظمة التجارة العالمية».. لأن طبقة «الكومبرادور».. ستثور وتعترِض وتُهدّد بالاحتكام للقانون الدولي!

.. أهناك استفزاز يفوق كل ذلك... الفجور؟

(الرأي 2015-10-14)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات