الحرب على المخدرات: ماذا عن الطلب؟

تم نشره الخميس 22nd تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:18 صباحاً
الحرب على المخدرات: ماذا عن الطلب؟
د. موسى شتيوي

الحملة الأمنية التي انطلقت منذ فترة ليست بسيطة، والهادفة إلى استعادة هيبة الدولة وفرض سيادة القانون، كشفت عن انتشار ظاهرة تهريب وتجارة المخدرات بشكل أكبر مما كنا نتوقعه. بالطبع، فإن تهريب المخدرات كتجارة وجريمة ليس جديداً على المجتمع الأردني، لكن في السابق كان الأردن يستخدم باعتباره ممراً لتهريب المخدرات للدول المجاورة، أكثر مما كانت موجهة للأردن تحديدا.

حالياً، مع الانهيارات والحروب التي شهدتها بعض الدول المجاورة، تنشطت هذه التجارة بسبب غياب الأمن والضبط في تلك الدول، فأصبحت أكبر حجماً وأوسع انتشاراً. كذلك، لا نستطيع إنكار بعض العوامل الداخلية التي ساهمت في ذلك أيضاً. وبصرف النظر عن الأسباب، فإنه بات جلياً أن هناك ازدهاراً لتجارة المخدرات في الأردن الذي أصبح مقراً وليس ممراً لهذه الآفة الخطرة، ما يشي بانتشار هذه الظاهرة داخل المجتمع الأردني بشكل غير مسبوق.

الحملة الأمنية على تجار المخدرات والمهربين تؤتي أكلها، وتحقق نجاحات مهمة. إلا أن مكافحة المخدرات -كما تخبرنا التجارب العالمية- لا يمكن أن تنجح فقط من خلال مكافحة التهريب والمهربين. فماذا عن الطلب على المخدرات؟

ظاهرة التعاطي والإدمان على المخدرات، ظاهرة اجتماعية بالأساس. وهي ذات أبعاد اقتصادية ونفسية. وهذا يعني أن هناك أسباباً وعوامل مساعدة لزيادة الطلب على المخدرات، مصدرها المجتمع. صحيح أن توفر المخدرات -جانب العرض- يساعد في الترويج وانتشار التعاطي والإدمان، إلا أن الصحيح أيضاً أن الطلب على المخدرات والتعاطي والإدمان، لها أسباب اجتماعية واقتصادية ونفسية.

لا توجد لدينا دراسات متكاملة تحدد لنا نسبة انتشار المخدرات، وخصائص المتعاطين، وأسباب التعاطي، وإنما هناك مؤشرات مطلقة تدل على زيادة تعاطي المخدرات بأشكالها المختلفة، في مناطق المملكة كافة، بما في ذلك المناطق الريفية. وما يضاعف من احتمالية زيادة هذه الآفة وانتشارها، وجود أعداد كبيرة من اللاجئين والعمالة الوافدة، علاوة على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرّ فيها البلاد، واستشراء البطالة والفقر، وبخاصة بين الفئات الشابة.

الكل يتحدث عن هذه الظاهرة المقلقة، لكن المؤسسات المدنية والوزارات المعنية والجامعات لا تقوم بأي جهد يُذكر للتعامل مع هذه الظاهرة، بل جلّ ما يقوم به بعض المؤسسات هو حملات توعية، منها ما هو جيد وإيجابي، لكن أغلبها احتفالي لا يؤدي إلى نتائج ملموسة.

إن معالجة الطلب على المخدرات لم تعد ترفاً، بل ضرورة مُلحة. ولا بد من خطة أو خريطة طريق للتعامل معها. ونقطة البداية هي الوقوف على حجم هذه الظاهرة وانتشارها، والأماكن التي تنتشر فيها، وخصائص المتعاطين لهذه الآفة، والتي يجب أن تتمخض عنها حزمة من السياسات المتكاملة، بأبعادها الاجتماعية والتربوية والصحية، تكون مبنية على نتائج الدراسات، وواقع المشكلة، وليس على تخمينات قد تصيب وقد تخطئ.

لقد حان الوقت للتنبّه لهذه المشكلات الاجتماعية الخطرة، وتبيان مخاطرها، والعمل الجادّ من أجل معالجتها والتصدي لها. بخلاف ذلك، ستترتب على المجتمع نتائج وخيمة وتداعيات لا تحمد عقباها، بما تتركه من آثار سلبية متعددة على القضايا الأخرى.

(الغد 2015-10-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات