اقتصاد خدمات بامتياز

تم نشره الثلاثاء 27 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:03 صباحاً
اقتصاد خدمات بامتياز
د. فهد الفانك

المخطط الاقتصادي الأردني مولع بالإنتاج المادي وأكاد أقول إنه كاره للخدمات وكأنها نقطة ضعف. ومن هنا استهدفت جميع خطط التنمية منذ خمسين عاماً تحقيق نمو في الإنتاج المادي وخصّته بالإعفاءات والحوافز ، أما الخدمات فعليها أن تعتني بنفسها!.

الإنتاج المادي الذي يريد المخططون تشجيعه هو الصناعة والزراعة والإنشاءات مع التركيز على الصناعة ، أما الخدمات التي لا تستحق التشجيع والتحفيز والدعم في نظر المخططين فهي الصحة والتعليم والسياحة والبنوك والتأمين والنقل!.

الرؤية العشرية (2015-2025) التي صدرت مؤخراً إلتزمت بهذا التمييز للإنتاج المادي على حساب الخدمات ، فقد استهدفت رفع حصة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عشر سنوات من 3ر22% إلى 4ر27% ، ورفع حصة الزراعة من 8ر2% إلى 4ر3% ، وحصة الإنشاءات من 2ر4% إلى 8ر5% ، وكل هذا على حساب تخفيض حصة الخدمات من 1ر68% إلى 4ر61% من الناتج المحلي الإجمالي.

من سوء حظ المخططين الاقتصاديين أن الأمور تسير بعكس ما يريدون ، فالاقتصاد الأردني اقتصاد خدمات شاؤوا أم أبوا. وحصة الخدمات في ارتفاع بدون حوافز وإعفاءات ، وبالرغم من أنها تدفع أعلى الضرائب ، وبما أن الخدمات تشكل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي ، فإن تحقيق نمو اقتصادي ملموس يتوقف على نمو الخدمات بالدرجة الأولى.

الخدمات لا تنال تعاطف المخططين باعتبارها شعاراً او مفهوماً عاماً ، ولكنهم بالتأكيد لا يجرؤون على المطالبة بتخفيض نشاط السياحة ، أو العناية الطبية ، أو التعليم العالي ، أو البنوك والتأمين ، أو النقل والاتصالات.

ظروف الأردن الموضوعية وموقعه الجغرافي ونوعية قواه البشرية تجعله بلد خدمات بامتياز ، أما الصناعة والزراعـة على أهميتهما فإنها تعاني ، ولا تستطيع المنافسة ، لا في السوق المحلية ولا في أسواق التصدير ، ولا يمكن المراهنة على مستقبلها.

في هذا المجال سوف تسير الأمور بعكس ما يرغب المخططون ، فالإنتاج الصناعي سوف ينمو بسرعة السلحفاة ، لأنه لا يستطيع منافسة المنتجات الورادة من الشرق الأقصى ودول الخليج العربي. والإنتاج الزراعي لا يستطيع النمو في ظل الزحف العمـراني على الأرض الزراعية وعدم توفر الماء للري وغياب العمالة الوطنية ، في حين أن حصة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي سوف تواصل ارتفاعها لتبلغ 70% في 2025.

هذا ما حدث في الماضي ، وهذا ما سيحدث في المستقبل.

(الرأي 2015-10-27)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات