تنسيق في الجو.. متى التنسيق على الأرض؟

تم نشره السبت 07 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 02:04 صباحاً
تنسيق في الجو.. متى التنسيق على الأرض؟
د. عصام نعمان

الخبر صحيح. الطرفان الأمريكي والروسي أكّداه: ثمة تمارين أجرتها الطائرات الأمريكية والروسية في السماء السورية لتفادي الاصطدام بينهما. دلالات هذا التنسيق الجوي كثيرة، أبرزها ثلاث:
أولاها، أن طائرات الطرفين ناشطة في سماء سوريا لمدة لا تبدو قصيرة ما يستدعي التنسيق العاجل بينهما تفادياً لأي صدام.

ثانيتها، أن كِلا الطرفين يحارب في سوريا العدو نفسه وهو تنظيم «داعش»، وأنه من الممكن أن تعمل طائراتهما في أجواء المناطق نفسها. هذا التطور يؤكد موقف موسكو بأنها تحارب كل التنظيمات الإرهابية بما فيها «داعش» ، وليس فقط التنظيمات الأخرى التي تقاتل الجيش السوري.
ثالثتها، أن هذا التنسيق الجوي بين الطرفين حدث بعد مؤتمر فيينا الأخير ما يشير إلى أن تفاهماً استراتيجياً تمّ بينهما على الصعيد السياسي أيضاً جوهره أولوية دحر «داعش» على أي مهمة أخرى ، بما في ذلك مسألة «مصير» الرئيس السوري.
من الطبيعي والمنطقي بعد إنجاز التنسيق بين الطرفين في الجو أن يتساءل المعنيون بالحرب الدائرة في سوريا والعراق وعليهما: متى يبدأ التنسيق بين الطرفين على الأرض؟

الأمريكيون غير معنيين في الوقت الحاضر بالتنسيق الميداني مع الروس. السبب؟ لأن ميزان القوى، بعد الحضور الروسي الكثيف في سوريا، بات يميل لمصلحة النظام السوري، كما قال رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية الجنرال جوزف دنفورد. ما تسعى إليه واشنطن حالياً هو إيجاد توازن على الأرض بين التنظيمات السورية المؤيدة للمعارضة «المعتدلة» والجيش السوري بغية تعزيز المركز السياسي للمعارضة السورية في المفاوضات المنوي إجراؤها في المستقبل مع ممثلي الحكومة السورية.

مساعي واشنطن في هذا المجال تبدو فاشلة.. الجنرال دنفورد نفسه أكد أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس أن البرنامج الأمريكي البالغة كلفته 500 مليون دولار قد جرى وقفه كونه لم يثمر سوى تدريب خمسة سوريين فقط أبدوا استعداداً لمقاتلة «داعش».
مراسل «نيويورك تايمز» الميداني في شمال شرقي سوريا عين عيسى والباحث في مركز البحوث «نيو أمريكان فاونديشن» باراك بارفي ، أكدا للصحيفة (3-11-2015) أن ما يسمى قوات المعارضة السورية في أطراف محافظة الحسكة وأطراف محافظة الرقة حيث السيطرة لِ«داعش» ضعيفة للغاية ، وأنها تحتمي بوحدات «حماية الشعب الكردي» الناشطة في الحسكة وتعتمد عليها في أي جهد قتالي لمواجهة «داعش».

كما أكد المراسلان الأمريكيان أن كمية الأسلحة الضخمة (50 طناً) التي أسقطها سلاح الجو الأمريكي لمصلحة المعارضة السورية في المنطقة الخارجة عن سيطرة الجيش السوري لم تستطع قوات المعارضة، لنقص في فعاليتها اللوجستية، الاستحواذ عليها ، فكان أن صادرتها «وحدات الحماية الكردية» وبدأت في استعمالها.

لا يبدو أن واشنطن ستنجح في تنظيم وحدات سورية مسلحة تابعة للمعارضة المعتدلة كي تتمكن هذه الأخيرة من تحسين مركزها التفاوضي إزاء حكومة دمشق. فالمراسلان الأمريكيان يقولان، سنداً لمعلومات زودهما بها قائد «لواء ثوريي الرقة» المناهض لِ «داعش» إن مجموع قوات الائتلاف السوري المعارض في شمال شرقي البلاد لا يتجاوز عديده ال 5000 مقاتل ، وأن معظمهم ملتزم الدفاع عن منطقته وبيوت عياله وعشيرته وليس مستعداً لمقاتلة «داعش».
يبدو أن المسؤولين الروس لاحظوا تعثّر جهود واشنطن في سوريا فقرروا عدم انتظار مساعيها الهادفة لدعم المعارضة المعتدلة عسكرياً وبالتالي سياسياً، فأعلنوا عن دعوةٍ وجهوها لممثلي الحكومة السورية ومجموعة من ممثلي المعارضة في موسكو بغية إجراء مباحثات في ضوء التوصيات التي انتهى عليها مؤتمر فيينا الأخير.
الأمر اللافت هو ما صرح به نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد : «نحن نتحدث عن حوار وطني في سوريا وحكومة وطنية موسعة وعملية دستورية، ولا نتحدث نهائياً عمّا يسمى مدة انتقالية... هذه الفكرة موجودة في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع».

تصريح المقداد يوحي وكأن مؤتمر فيينا حلّ نهائياً محل مؤتمر «جنيف-1»، وأن مسألة الفترة الانتقالية قد طويت. فهل تشارك الشخصيات السورية المدعوة إلى اجتماع موسكو؟
واشنطن سارعت إلى وصف دعوة موسكو للحكومة السورية والشخصيات المعارضة إلى الاجتماع في العاصمة الروسية بأنها «سابقة لأوانها». هذا الموقف منتظر من الأمريكيين لأن مساعيهم لتحقيق حدٍّ أدنى من التوازن على الأرض بين الطرفين المتحاربين ما زالت تتعثر. لكن اللافت أيضاً أن واشنطن لم تبدِ أي تحفظ جوهري على مبدأ قيام موسكو بتوجيه الدعوة تلك ما يوحي بأنها موافقة ضمناً عليها، وأن مؤتمر فيينا أصبح المرجعية السياسية للتفاوض بشأن توصياته بين الأطراف المتصارعة وليس مؤتمر «جنيف -1».

(المصدر: الخليج 2015-11-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات