مصر اليوم

حدود الأردن مع الضفة الغربية مفتوحة للفلسطينيين ولا تواجههم أي معاناة من الجهة الأردنية، وإنما كل التسهيلات للقادمين والعائدين. وعلى عكسها تماما الحدود المصرية مع الفلسطينيين من أهل غزة، اذ يعانون الويلات والأمرّين وكل أنواع المهانة والحشر وقلة الإنسانية. والكارثة المعيبة جدا ان الجهة الاسرائيلية تكاد تكون أرحم من الجهة المصرية، وتكفي مشاهدة صورة لامرأة فلسطينية تجهش بالبكاء بين حشود تبتغي الدخول من بوابة أضيق من خرم الابرة، وتصد من الحارس المصري وكأنها ليست عربية او فتاة تستحق التقدير أخلاقيا وأدبيا ودينيا، ولا تناله من مسلم مثلها وانما عكسه تماما.
الأردن كما مصر في معاهدة سلام مع الاسرائيليين، ولا تجد غضاضة من تسهيل حياة الفلسطينيين بمن فيهم أهل غزة، وهي لا تلام من أحد ولا يعترض على الامر الاسرائيلي، ولو ان مصر تسهل للفلسطينيين ايضا حركتهم لما اعترضها احد بما في ذلك الاسرائيلي نفسه، خصوصا وان كل المطلوب او الذي يتم تنقلا انما كله أنساني ومدني وليس غير ذلك ابدا، ومع ذلك تصر مصر على تشديد حدود رفح على اكثر قساوة من تلك التي على معبر ابو سالم الذي تسيطر عليه قوات يهودية.
حركة حماس هي التي تدير قطاع غزة فيما يدير الضفة الغربية سلطة رام الله، ويبدو ان الفرق يكمن تماما هنا، ولو ان السلطة بحال حماس لنال أهل الضفة ذات المعاناة لجهة حركتهم وعبورهم وخروجهم. وفي واقع الحال انهم يعانون اضطهاد الاحتلال بطشا واعتقالات طالما هم فوق ارضهم، ولا تمانع من سفرهم كلما أتيح ذلك، ليس حبا وانما للخلاص من وجودهم او املا بألا يعودوا ثانية.
الفلسطينيون تحت الاحتلال اليهودي وليس المصري، وحصار غزة عمل صهيوني عنصري اسرائيلي ينبغي لمصر ان تقف ضده او حيادا كأقل الايمان، اما ان تكون طرفا في المعادلة لجهة مطابقة الاجراءات الاسرائيلية فإنها بحال ليس فيه ما يشرف اي مصري وانما طعنات له قسرا ومن الخلف ايضا، وقد عهده العرب على اساس « والله زمان يا سلاحي» وعهد مصر ام الدنيا، فهل هي أي أم الآن؟!.
(السبيل 2015-12-06)