سؤال «الاستفتاء» في كردستان العراق.. أو هل بدأت خطة إعادة «ترتيب» المنطقة؟

تم نشره الخميس 24 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 01:08 صباحاً
سؤال «الاستفتاء» في كردستان العراق.. أو هل بدأت خطة إعادة «ترتيب» المنطقة؟
محمد خروب

لم يصدر اي نفي او تكذيب أو تأييد او حتى توضيح , للانباء التي تحدثت عن «صفقة» طازجة, تم عقدها بين مسؤول كردي عراقي بارز (يُرَجَّح انه سعود برزاني) وواشنطن, تتضمن دعم فكرة «استقلال» اقليم كردستان العراق، تلك الصفقة التي حظيت (على ذمة الانباء التي تم تسريبها) بمباركة تُرْكِّية واخرى من دولة عربية, تقوم على تنفيذ استفتاء في الاقليم يمهد لاستقلاله شريطة (وهذا كان ثمن مباركة انقرة والدولة العربية التي لم يُعرف اسمها حتى الان) ان يدعم الكُرد قيام «إقليم»سُنّي» في العراق.

الصمت التي لاذت به الجهات المُنخرِطة في «صفقة» كهذه , تفضحه جُملة من التحركات والمواقف والتصريحات، تزيد من القناعة بأن «شيئاً» ما يجري التحضير له، ولأن لا شيء في المنطقة، بات سراً كاملاً يصعب معرفته، فإن تصريحات التحدي والانتقادات اللاذعة التي وجهها رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو لروسيا، تصُب في هذا الاتجاه وبخاصة بعد ان ربط انسحاب القوات التركية التي دخلت الاراضي العراقية الى معسكر بعشيقة وتخوم الموصل، بتحرير الاخيرة (الموصل) وهي تصريحات تتناقض تماماً بل تُلغي ما صرّحه اردوغان نفسه عندما قال: ان تركيا بدأت سحب قواتها «من العراق» استجابة لطلب الرئيس الاميركي اوباما.

ولأن خطة «تحرير» الموصل من داعش ما تزال مُؤجلة إن لم نقل غامضة ومُلتبسة، بعد ان دخلت على خِطَط التحرير, الاعتبارات المذهبية والطائفية والعرقية، فإن اوغلو يرمي من وراء ذلك, الايحاء بأن القوات التركية الغازية دخلت العراق لتبقى، ما يُثير المخاوِف من أنها ستكون حامية الوليد الجديد وهو «الاقليم السني» الذي تم اشتراط إقامته, مقابل تأييد تركيا وبعض الدول العربية لاستقلال اقليم كردستان عبر استفتاء شعبي طالما لوّح به مسعود برزاني, مهدداً بأنه سيلجأ الى تنظيمه عندما «تنضج» ظروفه المحلية والاقليمية والدولية.

فهل نضجت هذه الظروف؟

ربما هي اليوم أبعد من اي وقت مضى عن النضوج , وبخاصة بعد بروز دور كرد سوريا وامتلاكهم قوة عسكرية وسياسية ودعماً اميركياً مُعلناً وميدانياً، ما يزيد من المصاعب التي يواجهها اردوغان في المعارك الداخلية والاقليمية التي افتعلها مع الجميع في المنطقة، فضلا عما يواجهه مسعود برزاني نفسه من متاعب وطعن في شرعيته من قِبل خُصومِه ومُنافِسيه في اقليم كردستان, وتحديدا من الاحزاب الرئيسية الاربعة الممثلة في برلمان الاقليم وعلى رأسها الاتحاد الوطني (طالبان) وحركة التغيير (نيشروان مصطفى) والحركة الاسلامية والحزب الاسلامي الكردستاني، ما زاد من تَأزُّم الاوضاع هناك وزاد من احتمالات المواجهة العسكرية التي ستتدحرج الى حرب اهلية, تُهدِّد «تجربة» الاقليم ذا الحكم الذاتي الموسع والاقرب الى الاستقلال، وربما تدفع الى انقسامه, جزء يخص آل برزاني في اربيل, والشطر الآخر لباقي الاحزاب في السليمانية.

ولان الضغوط تزداد على انقرة كي تُغلِق حدودها التي فتحتها كي تزيد من تدخلها وانخراطها المباشر في الازمة السورية, طامِعة في الاستيلاء على الاراضي السورية وتعديل حدود تركيا المفروضة عليها منذ معاهدة لوزان 1923 بعد استرضاء الحلفاء لكمال اتاتورك بالقفز على معاهدة سيفر عشية هزيمة الدولة العثمانية، وخصوصاً في طمع اردوغان بتوسيع حدود تركيا حتى خط حمص ــ الموصل (دون الاكتفاء بقيام فرنسا الاستعمارية «منحها» اقليمَيْ كيليكيا واسكندرون السوريين لتركيا أتاتورك) فان عودة الحديث عن اقليم سُنِّي في العراق , يفتح شهية الاتراك على رسم خرائط جديدة وفق ترتيبات اقليمية ودولية تأخذ العراق الى التقسيم ما يزيد من فرصة تطبيق سيناريو كهذا على سوريا وفق سياسة الامر الواقع, رغم ان قرار مجلس الامن 2254 اكد على وحدة الاراضي السورية وهو قرار لن تكون له قداسة لدى الامبرياليين الاطالسة (وتركيا ضمنهم) تزيد عن باقي قرارات مجلس الامن, التي أُلقِي مُعظمها في القمامة , وفق سياسة ازدراء القانون الدولي وحقوق الانسان وسيادة الدول , التي تتعاطى بها الدول الاسستعمارية الغربية مع الامم المتحدة.

الى اين من هنا؟

بمقدور أردوغان ان يَحلُم, وفي وسعِ مسعود برزاني ان يهرب الى الامام ويبرز لدى الكرد الذين اكتشفوا بشاعة حكم عائلة الاقطاع البرزاني كمؤسس لدولة مُستقِلة، ويدغدغ احلامهم بالاستقلال الذي طالما راودهم اليه وطالبوا به, لكنهم (اردوغان وبرزاني وبعض العرب) ينسون او يتناسون, ان قواعد اللعبة قد تغيرت , وان ما كان مُتاحا – او هكذا تصوروا – قبل اربع سنوات, قد بات من الماضي وان عقارب «ساعة» المنطقة، لن تعود الى الوراء، وسيبقى العراق رغم كل ارتكابات نُخَبِه السياسية والحزبية والدينية مُوَحَداً, لان «شرارة» التقسيم ستُشْعِل المنطقة, ولن تكون تركيا التي تخوض حربا ضد شعبها الكردي خصوصا في ديار بكر ومحيطها, بمنأى عن حريق التقسيم هذا والانزلاق الى حرب اهلية, اقسى واسوأ من تلك التي أججتها في سورية.

(الرأي 2015-12-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات