وحدات حكومية مستقلة
في الأردن مشكلات وعيوب اقتصادية وإدارية عديدة هي التي تؤدي إلى عجز الموازنة وارتفاع المديونية لدرجة غير مقبولة ، ولكن المشلكة الأكبر التي لم تجتذب ما تستحق من اهتمام هي دور بعض الوحدات الحكومية المستقلة في الوصول إلى هذه الحالة.
جرى تأسيس الوحدات الحكومية ذات الموازنات المستقلة بناءً على فرضية أن إدارة بعض النشاطات الحكومية على أسس تجارية يرفع كفاءة العمل ويحسن الإداء ، وربما يخفض الكلفة.
الحادث عملياً أن بعض هذه الوحدات أصبحت بديلاً عن الوزارات دون أن يتم إلغاء الوزارات حتى قيل في تبرير هذا الوضع الشاذ أن الوزارة ترسم سياسة القطاع والوحدة المستقلة تنفذها وكأن الوزارة ليست سلطة تنفيذية.
الوحدات المستقلة مسؤولة عن جزء مهم من ارتفاع المديوينة. وبالرجوع إلى الإحصاءات المالية لسنة 2015 تجد أن المديونية المحلية الصافية بالدينار الأردني للحكومة المركزية لم ترتفع بل انخفضت بمقدار 75 مليون دينار ، في حين ارتفعت مديونية الوحدات الحكومية المستقلة بمقدار 1006 ملايين دينار ، أو أكثر قليلاً من مليار دينار. وإذا أخذنا بالاعتبار ارتفاع مديونية الحكومة بالعملات الاجنبية بما يعادل 5ر1360 مليون دينار ، فإن مجموعة الوحدات المستقلة تبقى مسؤولة عن كل الزيادة في المديونية المحلية أو عن 44% من إجمالي الزيادة في الدين العام الكلي خلال 2015.
عندما نقول أن صافي مديونية الوحدات المستقلة ارتفع في 2015 بمقدار 1006 ملايين دينار ، فهذا يمثل المركز الصافي لعجز تلك الوحدات مأخوذة معاً ، أي بعد تنزيل أرباح وفوائض وحدات أخرى ، بمعنى أن الوحدات الخاسرة خسرت أكثر من هذا المبلغ ، وأكثر من عجز الموازنة العامة نفسها.
حتى الوحدات التي حققت أرباحاً كبيرة وحولتها إلى الخزينة إنما فعلت ذلك بسبب تحصيل الرسوم والرخص التي تمنحها ، وهي في الواقع ضرائب تعود للخزينة أصلاً ولا فضل لتلك الوحدات في تحقيق الفائض لأنه ليس نتيجة إدارة ذات كفاءة.
أكثر من مرة جرى فتح ملف الوحدات الحكومية المستقلة ، ليس من ناحية نتائج أعمالها وأسباب خسائرها ، بل من حيث مساواة رواتب مدرائها برواتب نظرائهم في الوزارات.
لا يجوز استمرار الحديث عن الوحدات الحكومية المستقلة وكأنها كيان واحد ، فأرباح بعضها يغطي على خسائر البعض الآخر ، فلا بد من وضع هذه الوحدات إفرادياً تحت المجهر.
(الرأي 2016-04-06)