خريطة لتهويد القدس
لا تتوقف آلة الاحتلال الصهوينة عن مشاريعها التهويدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديداً في القدس التي تواجه معزولة هجمة شرسة تتصاعد تزويراً لتاريخها وطمساً لمعالمها المقدسة. وقد بدا جلياً أن هذا التهويد قد بلغ مستويات غير مسبوقة، ومن المرجح أن يفجر الأرض المحتلة في يوم قريب بعدما وصل الصبر إلى منتهاه.
لقد كشفت وزارة السياحة الفلسطينية أن سلطات الاحتلال شرعت منذ مدة في توزيع خريطة جديدة على «السياح» تتجاهل عديد المواقع الإسلامية والمسيحية وتقديمها بمسميات يهودية أحدها أن المسجد الأقصى المبارك بات يسمى «جبل الهيكل». وأكدت الوزارة الفلسطينية أن هذه الخريطة التهويدية تهدف إلى التضليل والترويج إلى أن القدس عبارة عن مكان توراتي خالص وجزء لا يتجزأ من مشروع الاحتلال الصهيوني.
المؤلم في القصة كلها أن سلطات الاحتلال ماضية في مخططاتها التهويدية متجاهلة كل بيانات الإدانة والشجب الفلسطينية والعربية والإسلامية. وبيان الاستنكار الذي أصدرته وزارة السياحة الفلسطينية هو جزء من عملها في إطار المتابعة والرصد للنشاطات الصهيونية، ولكن هذا الإجراء لن يغير في الأمر شيئاً، في الوقت الذي تتباهي فيه سلطة الاحتلال بما صنعته معترفة بأن «دليلها السياحي» عمد إلى طمس كل ما هو عربي وإسلامي ومسيحي باستثناء موقع أو اثنين، وأنها عازمة على توسيع هذا التهويد ليشمل خريطة أكبر. وبهذا الإصرار الذي يبديه الاحتلال، ألقى بالكرة خارج ملعبه، أي إلى العرب مسلمين ومسيحيين.
وفي انتظار أن يأتي الرد في شكل بيان إدانة أو تصريح حزين، تستمر عجلة التهويد في الدوران على مدار الساعة.
بالتزامن مع اكتشاف هذه الجريمة، عمدت قوات الاحتلال إلى اقتحام حرم جامعة القدس في بلدة أبو ديس وعبثت بمحتوياتها وأتلفت كتباً ومقتنيات، كما دمرت شجرة عيد الميلاد المقامة في ساحة الجامعة والمرصعة بصور عدد من الشهداء الفلسطينيين. ولهذا الاقتحام الصارخ صلة بمسلسل الاعتداءات المتواصلة الذي سجل في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 58 اقتحاماً للمسجد الأقصى و25 اقتحاماً للقرى والأحياء العربية وأربع حفريات و120 بيتاً تم الاستيلاء عليها وهدم العديد منها، فضلاً عن جرائم القتل العمد التي تلاحق الفلسطينيين في مختلف المدن والقرى وأكثرها شناعة عملية إعدام الشاب عبدالفتاح الشريف في مدينة الخليل قبل أيام قليلة، ومع ذلك لا يبدي هذا الاحتلال أي حياء ويستمر في نهجه مبتدعاً فصولاً جديدة في ضرب الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته على مراحل.
لامبالاة كيان الاحتلال وجرأته على الحقوق العربية والإسلامية والمسيحية لا تعود إلى قوته وجبروته، وإنما إلى ضعف أصحاب الحقوق الشرعيين وتشرذمهم، فالعالم الإسلامي يطفح بالفتن والحروب من شرقه إلى غربه، والفلسطينيون أصبحوا ضائعين وسط هذه اللجة من الأزمات والانقسامات. ومن الطبيعي أن يتفرد الصهاينة بالقبلة الأولى ويعملوا فيها تشويهاً وتهويداً دون خشية من أي غضب إسلامي أو مسيحي.
(المصدر: الخليج 2016-04-07)