هدنة سورية تلفظ انفاسها
يذهب جميع المتابعين للشأن السوري الى القول ان مفاوضات جنيف القادمة فاشلة قبل ان تبدأ وان الحوارات الاولى وتصلب النظام في رفض مناقشة الانتقال السياسي اوصلت المفاوضات والراعيين لها (امريكا وروسيا) الى طر يق مسدود. وبات الحل الامني هو الخيار الوحيد للطرفين (النظام والمعارضة ) وفي هذا نقرأ الاتي :
> الهدنة المعلنة في سورية والتي وافقت عليها جميع الفصائل المسلحة نحو (90) فصيلا بمن فيهم جبهة النصرة المستثناة مع تنظيم الدولة منها باتت تترنح بمختلف جبهات القتال فالمعارك تتجدد في ريف حلب ودير الزور وحماه وادلب وريف اللاذقية ودرعا ومرشحه للتصعيد بفعل تصلب النظام في مواقفه وعدم وجود ضغوط روسية عليه لتقديم تنازلات بملف الرئاسة . كما ان امريكا تبدو عاجزة عن فعل شيء سوى التصريحات النارية المؤيدة للمعارضة والمطالبة بان لا يكون لبشار الاسد دور في المرحلة الانتقالية . فيما الروس يصرون على ان الشعب السوري وحده يقرر مصير رئيسه الذي ترشح لثلاث دورات متتالية وفاز بالاولى, الثانية بنسبة 99,9% والثالثة بنسبة 88% والرابعة سيفور ربما بنسبة 82% .
> نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي يابكوف قال قبل ايام معلقا على تهديدات جيش الاسلام وممثله محمد علوش بعدم حضور مفاوضات جنيف القادمة بالقول : نرحب بعدم حضور ممثل جيش الاسلام وكانه يقول ان حضوركم لا داعي له وانكم من وجهة نظرنا ارهابيين مثل داعش والنصرة , وهذا الامر يتطابق مع الموقف السوري الذي يعتبر كل من يحمل السلاح ارهابيآ , ويرفض وجود معارضة معتدلة . وهذا التقييم الروسي-السوري يعني ببساطة ان الهدنة هدفها تحييد بعض الجماعات المسلحة فترة من الوقت للقضاء على داعش والنصرة ومن ثم التفرغ لتصفيتها لاحقا وترك النظام السوري يقرر مصير هذه الجماعات المعارضة . واذا نظرنا الى المواقف والتصريحات الامريكية -الروسية . نجد ان الخلافات تراوح مكانها وان النظام السوري وحلفاءه يعرفون كيفية التلاعب على هذه الخلافات . فلقاءات جنيف القادمة ستكون فارغة ولن تحرك شيئا خاصة وان المعارضة تريد مرحلة انتقالية بدون الاسد فيما النظام يريد حكومة وحدة وطنية بحضور رمزي للمعارضة فيها. وهذا يدفع القوتين الاعظم لدعم اطرافها المتحاربة . فيما الاولوية حسب اخر تصريحات للرئيس الامريكي هي القضاء على داعش وهذا الامر قد يحتاج لعشرات السنين, (انها حرب اجيال) خاصة وان هكذا تنظيم له خلايا نائمة وقادرة على التحول لحرب عصابات , ولديه خبرة طويلة في مقارعة الاحتلال الامريكي للعراق , وسوف يجعل من تصفيته مسألة معقدة وطويلة وقد تنقلب الامور في مرحلة ما ضد الطرف الامريكي والروسي الذي يقاتله في ميادين العراق وسورية.
هدنة سورية تلفظ انفاسها الاخيرة . فالمعارك تتجدد بكل الجبهات واحرار الشام وجبهة النصرة شرعتا في الرد على خروقات النظام بريف حلب وادلب والحرب مستعرة مع داعش بكل الجبهات , وهناك من يقول ان فشل الحل السياسي وعدم وجود ضغط روسي حقيقي على الرئيس بشار الاسد سوف يؤدي الى فشل جنيف وسيدفع الاطراف المتصارعة الى العودة الى القتال خاصة وان الخروقات مستمرة والاتهامات متبادلة وعداد الموت ما زال قائما في سورية والعراق .
(المصدر: الديار الأردنية 2016-04-06)