أعطوا الطريق حقه

تم نشره الأربعاء 18 أيّار / مايو 2016 12:47 صباحاً
أعطوا الطريق حقه
إبراهيم غرايبة

تلحّ علينا قصص الطرق، فلا نستطيع مغادرتها. ونشعر أنه لم يعد لدينا ما نقوله، وأننا في ذلك كما يقول زهير بن أبي سُلمى: "ما أرانا نقول إلا رجيعا// ومعادا من قولنا مكرورا".

لكن الطريق متصلة بحياتنا ووجودنا. والواقع أن المدن والبلدات والقرى والتاريخ والحضارة، ليست سوى الطريق؛ ليست سوى الذهاب في الصباح إلى العمل والمدارس، والعودة في المساء إلى البيوت. تلك هي قصة العمل والأسواق والتجارة والإقامة وتخطيط المدن، والعلاقات الاجتماعية والمهنية.

تزيد في الصيف أزمة الطرق، لأن صدورنا تضيق. والزوار والمغتربون سيزيدون الأزمة حدة.

الطريق التي أمر فيها كل يوم في اتجاه واحد، ولا يمكن المرور بسبب توقف السيارات على الجانبين إلا لسيارة واحدة. برغم ذلك، كان أحد الشباب مصرا أن يسير بالاتجاه المعاكس. وشاء الحظ السيئ أن تمر شاحنة صهريج ماء أغلقت الطريق تماما، فتكدست السيارات حتى سُد الشارع المؤدي من الإشارة الضوئية. وبدأ الشارع الرئيس يختنق بالسيارات، والغضب يتصاعد إلى السماء في الحر الشديد، مصحوبا بأصوات منبهات السيارات. والمشكلة أن القصة تحدث كل يوم!

وفي الشارع الواسع المؤدي إلى الجامعة، تتوقف حركة السير تماما، ويمتد الاختناق إلى كل الشوارع والجسور المتصلة ببعضها. ويظل على الناس أن يعانوا من الزحام والحرارة ومضيعة الوقت، حتى يتمكن الشاب المتوقف بسيارته من شراء الشاورما.

وتتكدس أمام المدارس الخاصة السيارات، ويتعذر المرور، ثم تُغلق الطرق في كل الاتجاهات، لأن سادة وسيدات محترمين يحبون أولادهم، يصرون على تنزيل أولادهم وهم متوقفون في وسط الشارع، أو على نحو يعطل حركة المرور، وتكون الحقائب موضوعة في الحقيبة الخلفية للسيارة، ويحتاج الأمر لعملية تشبه ما يقوم به الدفاع المدني لجمع الحقائب ووضعها على الظهر ووداع الأطفال.

ويعتقد السادة الأتقياء أنه يحق لهم إغلاق الشارع تماما لأجل أداء الصلاة! ماذا لو كانت سيارة إسعاف تمر في وقت الصلاة؟ ولماذا على غير المتقين أو المتقين ولكنهم في هذه اللحظة يمرون بالشارع المجاور للمسجد، ربما للصلاة في مسجد آخر، أن يظلوا منتظرين في الشارع حتى يفرغ المواطن الورع من صلاته وتسبيحه؟ لكن برغم انتهاء الصلاة، تبقى سيارة مصلٍ في منتصف الشارع بعد الصلاة، في حين غادرت السيارات عن يمينها وشمالها! ثم يتبين أنه يخوض في جولة مفاوضة مع بائعي البسطات أمام المسجد!

وتقرأ في الصحف عن الحملة التي يشنها العالم ضد البصق في الشارع والغرامة التي تفرض على من يقترف ذلك. وتتذكر حملة مشابهة لسنغافورة قبل ثلاثين سنة، وأنت ترى كل يوم في شوارع وأرصفة المدينة البصاق يتطاير من نوافذ السيارات الفخمة الفارهة، ومن أفواه المشاة والجالسين. وتتذكر اللغز الذي علموك إياه في الريف القصي المنبوذ والمهمش عن الشيء الذي يحمله الأغنياء ويرميه الفقراء... البصاق.

(الغد 2016-05-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات