القدس هذا الصباح
في مثل هذا الصباح، بدأت حرب حزيران عام 1967، التي أدت الى احتلال الضفة الغربية والقدس، ومناطق اخرى من دول عربية، إذ احتلت اسرائيل القدس الشرقية وضمتها فعليا الى القدس الغربية، مع الحرم القدسي بطبيعة الحال. بعد عقود من الاحتلال، يتوعد المستوطنون اليوم، باقتحام المسجد الاقصى، وقد اعلنت عشرات المنظمات عن دعوتها للاسرائيليين للمشاركة في اقتحام المسجد هذا اليوم، بحماية من الامن الاسرائيلي، والمتوقع ان يكون هذا اليوم، صعبا، في المدينة المحتلة اذا نفذ المستوطنون تهديدهم ودعواتهم لاقتحام الحرم القدسي، التي تأتي قبل يوم واحد من رمضان. هذا ليس جديدا، اذ إن مئات الاقتحامات تم تنفيذها على مدى عقود، من اجل تطويع المقدسيين والعرب، على فكرة التقاسم الزمني، والمكاني لاحقا، لكن اللافت للانتباه هنا، ان اسرائيل لا تقف كثيرا عند اي اتصالات عربية ودولية، بل تتعمد التأكيد أن هذا الموقع يهودي، ولا تتراجع مترا واحدا عن نياتها بتقاسم المكان، وهدم احد المسجدين، وربما كليهما، الاقصى وقبة الصخرة. على الرغم من الجهود المبذولة اردنيا، من رعاية للحرم القدسي، وصيانة واعمار، وغير ذلك، وهي جهود لا يمكن انكارها، الا اننا امام واقع اصعب بكثير، يتعلق بمواصلة التهديدات الاسرائيلية، وعدم نية تل ابيب، رفع تهديداتها عن الحرم القدسي، وتل ابيب هنا لا يهمها ما نقوم به من اجل الاقصى ، او صيانة الكهرباء في الحرم، او تأمينه بالموارد المالية؛ لان مخططها الاساس، تقسيم الحرم القدسي، واقامة هيكل سليمان، اذا كان ذلك ممكنا. اسرائيل ومنذ عام 1967، تواصل المخطط الاكثر خطورة، اي تهويد المدينة، وقد استطاعت سرقة اغلب اراضي المدينة، وبيوتها، وتقوم ببناء الكنس، وتسعى لإفقار السكان، واجبارهم على التعاون الامني او الهجرة، وتسهيل وصول المخدرات لسكانها، خصوصا، في منطقة البلدة القديمة، اضافة الى الخنق الاقتصادي، خصوصا، هذه الفترة، وفرض الضرائب، وكل هذا توطئة لتدمير البنية الاجتماعية المحيطة بالاقصى، اضافة الى احلال فلسطينيين من خارج القدس، في ذات المدينة، مقابل اخراج عائلات مقدسية وتهجيرها، لغايات معينة، ليس هنا محل ذكرها. في ذكرى سقوط القدس، نكرر الكلام الذي يقال كل مرة، فالاقصى والحرم القدسي، من دون الناس، عبارة عن موقع اثري، وقيمة الاماكن المقدسة تنبع من ذاتها، لكن اكتمال قيمتها يكون بدخول الناس اليها، والصلاة فيها، وهذا ماتعرفه اسرائيل، فتسعى بكل الوسائل، لتدمير البنية الاجتماعية واضعافها، حتى يسقط سوار الحماية الشعبية. تأتي ذكرى سقوط القدس فعليا مع شهر رمضان، والعيون في هذه الذكرى، تتطلع الى اليوم الذي تعود فيه المدينة الى اهلها، والى العرب والمسلمين، لكننا في ذات الوقت نسأل بمرارة عما قدمه مليار عربي ومسلم للمدينة، غير الدعاء، وذرف الدموع من بعيد، فيما هي تتحول تدريجيا الى مدينة اخرى، في ظل عزل العرب لسكانها، قبل اليهود، وفي ظل الاستفراد بالمدينة واهلها، على مرأى من مليار مسلم وعربي، يفترض ايضا انهم اهلها.
(الدستور 2016-06-05)