الواسطة في الأردن.. أيضاً وأيضاً!
قبل خمس عشرة سنة، أجرينا أوّل دراسة من نوعها عن “الواسطة في الأردن”، وقد أذهلت النتائج الجميع، فمع أنّ الكلّ يعرفون طغيان هذه الظاهرة على الحياة اليومية الأردنية، إلاّ أنّ أحداً لم يكن يظنّ أنّ ثلاثة وتسعين بالمائة من عينة علمية قالوا إنّهم يعتبرون الواسطة شكلاً من أشكال الفساد، وأفاد ستة وتسعون بالمائة منهم أنّهم يستخدمونها في حياتهم، كما توقّع اثنان وتسعون بالمائة أنّهم سيستخدمونها في المستقبل.
بعد عشر سنوات من تلك الدراسة، أعدنا إجراءها على النحو نفسه، فلم نر أنّ شيئاً تغيّر، على الرغم من أنّ حملات رسمية وشعبية حاولت العمل على احتوائها بالتوعية والقانون، وخرجنا بنتائج تكاد تكون متطابقة، فالثقافة الشعبية ما زالت تعتبرها جزءاً منها، والعمل الرسمي والأهلي يتعاملان معها باعتبارها أمراً واقعاً لا يمكن تغييره، مع أنّها تؤثّر سلباً في الأداء، وتخسر الخزينة العامة والقطاع الخاص عشرات الملايين سنوياً.
الآن، نتساءل: تُرى لو أعدنا إجراء الدراسة للمرة الثالثة، هل سيكون هناك جديد؟ لا نعتقد، اللهم إلاّ إذا كان الجديد في توسّع الظاهرة، لا في تقليصها، وللأسف فنتحدّث عن مجتمع تكافؤ الفُرص، باعتباره سيحقق القدرة على الإنجاز، وسيوفّر مساحة واسعة من العدالة، ولكنّنا ما زلنا نرى أبناءنا المبدعين يتخرّجون من الجامعات لينضموا إلى قوافل العاطلين عن العمل، ونتابع أبناء الكثير من المتنفّذين يحصلون على أفضل الوظائف في اليوم التالي لتخرّجهم، هذا مجرّد مثل واحد على ما حدث ويحدث وسيحدث في الأردن.
(السبيل 2016-06-12)